* سار طويلًا في دروب الهوى يبحث عن عشق عمره.. عبر الأفاق يفتش عن واحة أمانه.. حلق في فضاءات الغرام ومر بكل شواطئ الحسان يبحث عن غادة قلبه. * كم من زورق أبحر به في بحور لا نهائية عساه يجد «حورية البحر» يناجيها لوعاته ويحكي لها هيامه.. أو أن يلتقي «لؤلؤة الأعماق» يبثها أشجانه ويقاسمها أشواقه. * وكم من راحلة امتطى يتنقل بين المضارب، يبحث عن «ظبية البيد» ليروي لها حنينه، ويقصُ عليها لواعجه. * أتعبه قلبه العاشق فكم من مرة تخيل نفسه بطل رواية عشق خالدة.. وكم من مرة حلم بحب يأتيه من أفق بعيد.. انغمس حتى أذنيه في اقتناء قصص المحبين.. وروايات الغرام.. ودواوين العاشقين.. قرأ بنهم وكأنه يسابق الزمن.. سرح مع التفاصيل حد نسيان ذاته وكأنه يطارد خيالاً. * رسم صورة حبيبته.. مرة حورية.. وأخرى أيقونة.. وثالثة سندريلا.. يريدها فينوسية الجمال لا تضاهيها حسناء.. ولا تشبهها أنثى.. نحتها في مخيلته ملاكًا ليس لها مثيل. * أضنته المشاوير.. وأتعبه البحث.. وأرهقه السفر.. شكا لأصحابه همومه.. واستشار أصدقاءه عسى أن يدلوه على الطريق.. حذّروه من التيه في هذه البحور.. وأشفقوا عليه من الضياع بين مضارب الغزلان وغرام الحسان. * عاد إلى نفسه.. غاب في أعماقها عله ينسى كما نصحه رفقاؤه.. أو أن يعود إليه سكونه.. غير أن قلبه العاشق يأبى عليه كل ذلك.. يتمرد بنبضه ويثور بخفقانه.. فيهيمُ لطيف غادة.. ويسرح لخيال حسناء.. يلح عليه بعدم الاستسلام.. يدفعه إلى المحاولة مرة بعد أخرى.. يحذره من اليأس حتى وإن كان العشق دونه أهوال وأهوال. * هو يدرك أنه أضاع في آفاق العشق أيامه.. وسحقت الأوهام أحلامه.. ورمدت الأزمنة آماله.. وأحرقت المسافات خيالاته.. لكنه يواصل المسير ويتابع المشاوير.. فمثله لا يمكنه العيش بدون حب.. فالهواء الذي يتنفسه ويبقيه على الحياة غرام غادة.. وهيام حسناء.. وعشق أيقونة جمال.. يطارد طيفها ما بقي له عمر.