مسافر بين عيون المها وقدود الظباء، يحمل أشواقه بين راحتيه.. ولوعاته بين جنبيه.. يطارد حلمه مع إشراقة كل فجر.. ومغيب كل شمس.. يأبى الانكسار ويرفض الهزيمة.. يحاول المرة بعد الأخرى فقد تمرس المعاناة وعرف المشقة.. يحفّزه أكثر ما قرأه عن أهوال العشق ومعاناة المحبين. يعرف أنه يسير في دروب شائكة.. وأنه يبحث عن طيف لكن عزيمته قيسية ومنتهي مبتغاه «ليلي»، لا يأبه لروميو ولا تهمه جوليت.. هو عربي أصيل أنجبته الصحراء وجبال السراة.. عذري في حبه.. توبادي في عشقه.. تهامي في عاطفته. مروج الغيد.. وشرفات الحسان.. وينابيع الغزلان.. قضاء أيامه ومقصد أحلامه.. يخفق قلبه لطيف غادي.. ويهتز فؤاده لرمش ناعس.. ويتراقص طربًا لصوت خافت.. يسأل الطرقات.. ويستنطق الزوايا علها تحقق مبتغاه وتهديه حلم عمره.. أتعبه قلبه العاشق.. وأنهكته الدروب.. وأذابت شغافه غرام الحسان.. جلس في عزلة مع نفسه يتذكر محطات عمره.. فمرت صور سريالية.. فرح وحزن.. سعادة وشقاء.. سكون وإعصار.. زهو وانكسار.. ألم وابتسامة.. تبعثره الهواجس ويلملمه التفاؤل. استرجع ذكريات حبه الأول.. سنين مراهقته.. حين ظن أنه عشقه الخالد.. وأنه الحياة الأبدية.. لكن قسوة الأيام كانت بداية محطات انكساراته.. حين حطّمت حلمه وأبعدته عن غرامه. تغرّب واعتقد أن في ذلك عزاء له.. لكن قلبه بقي هائمًا في ريم أرضه.. فلا العيون الزرقاء أغرته.. ولا الخصائل الشقراء جذبته.. ولا القدود الميساء استهوته.. كان يعرف أن قدره في حسناء عربية لو طلبت منه عبور البحار لخاضها وإن لم يعرف منتهاها.. كان يرى في استدارة القمر وجه حبيبته.. وفي عيون المها بريق عينيها. ولما عاد إلى أرضه كانت محطة انكسار أخرى.. زلزلت بعضًا من قناعاته.. فتساءل مع نفسه هل عشقه بلا أمل؟؟!! أم أنه حالم في غير زمانه؟؟!!