يُقال إن عدداً من الأعضاء في مجلس الشورى الموقر قد تبنوا مشروعاً لفرض عقوبات رادعة على المعاكسين خاصة في الشوارع التجارية الشهيرة، مثل العليا في الرياض والتحلية في جدة، وذلك من خلال نقل التجربة الخليجية المتضمنة التشهير والغرامة. وأضاف أحدهم إن الوقت قد حان لفرض هذه العقوبات، وأن الأمر أصبح ملحاً وحضارياً، وقد سبقنا إليه جميع الدول المتقدمة. خطوة رائعة وكلام جميل! لكنه في اعتقادي أنه لن يتجاوز هذا الثناء والمديح، إذ سنظل نراوح مكاننا عدة سنوات ندرس القضية، ثم سنوات لإعداد نظام يحكم القضية، ثم سنوات لإقرار نظام القضية. ثم ماذا بعد! هل سينتهي سيل المعاكسات وقلة الذوق وانعدام الأدب؟ لا أظن! لسبب بسيط! لأنه قد لا يُنفذ بمسطرة واحدة، وإنما بمساطر متعددة، أي أن بعض المخالفين الغلابى سينالهم في البداية تشهير وغرامة، وآخرون سيكتفون بدفع غرامة فحسب، لأن الأسماء اللامعة لا يليق بها تشهيراً ولا تعزيراً، وآخرون سيطوون النظام تحت آباطهم والمخارج كثيرة والتبريرات عديدة. ولعل نظام الشيكات المرتجعة خير مثال على ازدواجية التنفيذ، إذ لا يزال كثير من هؤلاء الجناة في حق الناس والوطن بعيدين عن تطبيق النظام بحذافيره، وتحت أسباب وتبريرات كثيرة. وأما إذا أريد للنظام المقترح تطبيقاً حدياً على الجميع بمسطرة واحدة فسيناله ما نال (ساهر) من الهجوم والتشريح والرمي بالكبائر، وقليل من يشكّك في عدالة (ساهر) لأن الضابط آلة صماء، وإنما يشككون في المقدمات والنتائج، فهم يتحدثون عن توعية غائبة وبنية مرورية ضعيفة وإرشادات مفقودة، وعن النتائج تكثر الشكوى حول صوابية مضاعفة الغرامة المالية حين التأخر عن السداد لأكثر من شهر. في جعبة الأنظمة شيء كثير، لو طبقنا منه شيئا يسيرا بمسطرة مستقيمة لا تحابي ولا تميل، لكُنّا في خير كثير. بقي سؤال واحد: خذوا عينة من هؤلاء المعاكسين، وأرسلوهم إلى دبي (التي يزعم البعض أنها مائعة سايحة)، ثم انظروا أي أدب والتزام يخيم على رؤوس هذه الفئة المعاكسة! أما السبب، فالمسطرة المستقيمة الواحدة!!