في خضم أجواء القلق التي أعقبت حادثة حريق مجمع مدرسة براعم الوطن الأهلية بحدة، وأسفرت عن وقوع ضحايا بين المدرسات والطالبات، شدد أكاديميون على أهمية الحاجة إلى اعتماد كافة المؤسسات -سواء كانت حكومية أو أهلية- على قدراتها الذاتية في الوقاية من مخاطر الحريق، وذلك من خلال تدريب كوادرها على أعمال الإخلاء والإنقاذ والإسعاف، حتى يمكنهم التعامل بفاعلية مع الكوارث عند وقوعها، كما دعوا إلى مراعاة اشتراطات الأمن السلامة عند تصميم وإنشاء مقار المؤسسات والمدارس والاهتمام بالفحص الدوري لوسائل ومعدات السلامة بكل المرافق من قبل مختصين، بهدف التقليل من مخاطر الحوادث عند وقوعها، «الرسالة» بسطت أبعاد القضية عليهم في تفاصيل التحقيق التالي: حريق مدرسة براعم الوطن الذي حصل قبل أسابيع علق جرس الإنذار لكافة المؤسسات والدوائر الحكومية في الاعتناء بأجهزة السلامة ومتابعتها دوريًا، حتى لا تحصل كارثة ولات حينها ساعة مندم، ومن تلك المقترحات التي ظهرت في الأفق إبان حدوث الحريق وتعليق المسؤولية على عدة جهات وكلا منها تعلن براءتها من الخطأ، إيجاد مسعفات في كل دائرة حكومية من شأنهن القيام بعملية الإخلاء والإنقاذ، فلماذا لا يكون هناك تدريب للنساء في الدفاع المدني؟ وهل الحاجة ماسة الآن لإيجاد موظفات في كل مؤسسة أو مدرسة لأجل تقوم بعملية الإسعاف؟ وغيرها من المحاور في ثنايا الموضوع: أكدت عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى أ.سمر الموسى على أهمية تدريب الموظفات على الإخلاء والإنقاذ قائلة: التدريب على الإسعافات الأولية وكيفية التصرف في أوقات الأزمات والحوادث والكوارث لا قدر الله، مطلب ضروري لكل فرد من الجنسين، والتدريب يجب أن يكون فعلي وجاد، طوال السنوات الماضية هناك تنفيذ لخطة إخلاء كنا نقوم به سنويًا كطالبات مدرسة ولكن لم يكن يؤخذ بشكل جاد كان الأمر لا يتعدى نزول السلالم الرئيسية بهدوء لا أكثر!، ولم يتم تجربة كافة وسائل السلامة أو حتى التعرف على مخارج الطوارئ، تأمين سلامة المنشآت المختلفة وتنظيمها هي الخطوة الأولى، أما الخطوة الثانية تأتي بتوعية أفراد المجتمع بالالتزام بمعايير السلامة داخل المنزل وخارجه، والثالثة وجود مركز نسائي طبي، إنقاذ على الأقل لكل عشر مدارس يكون هناك مركز طبي مصغر في إحدى المدارس ويخدم ويشرف على مجموعة مدارس. فرق نسائية وأضافت الخدمات الطبية والإسعافية والإنقاذية النسائية يجب أن تتواجد في كل حي لتتعامل مع حالات الإصابات العرضية، وغيرها التي تصيب الطالبات، بالإضافة إلى أن وجودها وقت الحوادث لا قدر الله ضروري، أما فيما يتعلق بضرورة تدريب النساء على التعامل مع الكوارث فهو مطلب ضروري جدًا للجنسين، نريد فرق يتم تدريبها وتحديد أماكن لتواجدها سواء في المدارس أو الجامعات أو المنشآت العامة، كما يتم الفحص وبشكل دوري على المرافق المختلفة والتأكد من سلامتها، دخول النساء هذا المجال ضروري لأنهم نصف المجتمع ولن تتم خدمة المرافق النسائية إلا بأيدٍ نسائية، نريد سعوديات يقمن بالزيارات الدورية والكشف وحل المشاكل وتذليل الصعوبات، حاليًا تترك كل الأعطال ليتم إصلاحها عصرًا من قبل فريق رجالي أو حتى لنهاية الأسبوع. العمل الميداني وتابعت الموسى: من الضروري أن يكون هناك فرق نسائية قادرة على الأقل على تحديد مكامن الخلل ورفع تقارير دورية والتحذير المبكر والمطالبة السريعة بحل المشاكل، ومن الجميل جدًا أن الحرم المكي له تجربة في فرق إسعافية نسائية وشاركن فيها هذا العام طالبات من جامعة الملك سعود تم إيفادهن خلال موسم الحج لمكة مع محارمهن، وجود الفرق الإسعافية في الحرم هو مثال على قدرة المرأة على العمل الميداني وإسعاف قريناتها والتعامل مع الحالات بكل سهولة ويسر وهذه التجربة يجب أن تعمم ويكون هناك دور فاعل، نريد المرأة المنقذة كما هناك المرأة المسعفة يعملن جنبًا إلى جنب على التوعية والإرشاد والتوجيه قبل وقوع أي حادث، نشر ثقافة التعامل في الأوقات الحرجة مطلب ضروري نتمنى الالتفات له في القريب العاجل. متدربات محترفات في السياق ذاته أيدت الكاتبة السعودية ليلى الشهراني مقترح وجود فرق نسائية إسعافية وقالت: لنبدأ من الأساسات وهي المباني المدرسية، والسؤال هل تخضع هذه المباني لزيارات دورية من قبل الدفاع المدني للاطلاع على جاهزيتها وملاءمتها وموافقتها لمعايير السلامة؟ هل تتعاقد وزارة التربية والتعليم مع شركات صيانة تزور المدارس بشكل أسبوعي، تتفقد فيها التوصيلات الكهربائية، والسباكة وخزانات المياه وغرف التفتيش الصحي وغيرها من الأمور المهمة في أي مبنى، هل ستستحدث الوزارة وظائف نسائية لآلاف العاطلات، ليكونوا عاملات إنقاذ ومسعفات في مدارس البنات بدلًا من التركيز على حصص الرياضة أو فريق كشافات للمشاركة في مواسم الحج؟ أن يتوفر في المدرسة متدربات محترفات ومسعفات هو من أقل حقوق الطالبات، فالطالبة التي تسقط أو تتعرض لحادث ما أو نوبة سكر أو ربو يتم إسعافها بيد معلمتها ويتم الاتصال بذويها لنقلها للمستشفى إن كانت الحالة خطيرة وإلى أن تصل للمستشفى تكون حالتها قد ازدادت سوءًا، هل ستعمل دورات وبرامج توعوية وإرشادية لتعليم الطالبات والمعلمات ومديرات المدارس أبجديات التعامل مع أي حادث مدرسي. إجراءات السلامة وأضافت لا يوجد في أغلب المدارس أجراس إنذار الحريق، ولا يوجد فيها طفايات حريق وإن وجدت فهي للزينة فقط لأنهم لم يعلموهن كيفية استخدامها وقت الحاجة لا سمح الله، أنابيب الغاز لو تم استبدالها بأفران كهربائية ستكون أكثر أمانًا، خصوصًا إن وجدت هذه الأفران صيانة بشكل دوري واهتمام، بقي الشيء الأهم والمهم في المدارس سواءً ذكورا أو إناثا وهو سن تعاميم صارمة فيما يتعلق بالسلامة والتعامل مع الحوادث، وإن ركزنا على الإناث فهو ليس تجاهلًا للذكور ولا لأن الطلاب أفضل حالًا من الطالبات، بل لأنه في مدارس الأولاد يكون التعامل فيها سريع مع الحدث، ولا ينتظر المعلم أو المدير وصول الدفاع المدني أو الإسعافات ليخلي المبنى، بعكس بعض مديرات المدارس التي تصر على إغلاق الأبواب والجلوس بانتظار المنقذ، وهذا خطأ كبير، فأول ما يتم عمله في أي كارثة مهما بدأت صغيرة هو عملية الإخلاء الفوري، ومن ثم يأتي عمل الدفاع المدني، لكن أن تحبس الطالبات وتغلق عليهن الأبواب ثم تنتظر الإنقاذ هذا تصرف غير مسؤول وغير حكيم، وهناك أمر في غاية السوء يلازم مدارسنا منذ قرن من الزمان، وهو أن مدارس وزارة التربية والتعليم مختنقة بمن فيها، فبعض المدارس تعداد طالباتها 1000 طالبة فأكثر، لذلك لن يستطيع 70 مسعف في إسعاف كل هذا العدد المأهول، وإذا حصل حريق أو هدم أو غرق لا قدر الله، فإن هذا العدد الكبير يقتله التدافع والتزاحم على سلالم المدرسة التي تكون بعرض متر ونص أو مترين وبمخرج واحد وهو الباب الرئيسي والوحيد للمدرسة فإن كان فيها أكثر من باب فالمفاتيح غير موجودة. تأهيل الموظفات وبدوره قال عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود د.عبد الله الصبيح: لا بأس بتدريب بعض العاملات في المدرسة أو حتى في أي جهة حكومية والتأخر في تدريب المرأة يعد خطأ كبيرًا لما تعاني منه هذه الجهات من ضعف في التدريب والتخطيط لمواجهة هذه الحوادث، وأضاف في قطاع التعليم يكون من ضمن مؤهلات المرشدة الاجتماعية والوكيلة إجادة القيام بأعمال الإسعاف والإخلاء، ومن المفترض أن يكون لدى الوزارة خطة إخلاء وتدريب للرجال وللنساء على الإسعاف والإنقاذ، لأن تزايد الأعداد بالمدارس والتي لا لم تعد تقل عن 500 طالب تتطلب إلمام المدرسين والمدرسات بخبرات الإسعاف والإنقاذ حتى يمكنهم حماية الطلاب عند حدوث أي طارئ، ورأى أن الوزارة يجب عليها السير في خطين الأول: خطط للإخلاء وتدريب المعلمين والطلاب على ذلك بشكل مستمر، والخط الثاني: تأمين وسائل السلامة من طفايات الحريق وسلالم الخروج ومخارج الطوارئ وقال: ليس من المعقول أن يحترق المبنى وتكون هناك وسيلة لإخراج الطلبة إلا بقذفهم من النافذة، فلابد من التعلم على الإخلاء وإيجاد وسائل السلامة وصيانتها بشكل دوري. وأضاف: على المرشدات التدرب على وسائل الإسعاف والإنقاذ، والاستعداد لكافة الاحتمالات، فمن غير المستبعد إصابة أحد الطلبة، والتصرف المناسب في هذه الحالة هو إسعافه من قبل طاقم المدرسة وعدم الانتظار لحين قدوم الإسعاف لما قد يترتب عليه ذلك من مضاعفات خطيرة على حياة الطالب المصاب، وأوضح أن التدريب غير مكلف، بل يساهم في الحفاظ على كثير من الأرواح في حالات الكوارث، وهذا لا ينحصر على المدارس بل ينسحب على كافة الوزارات الحكومية والمؤسسات الأهلية.