ربما اعتبر البعض أن صدور قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتأجيل نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس لمدة نصف عام، وهو ما دأبت عليه الإدارة الأمريكية منذ عهد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون بعد صدور قانون نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس الذي سنه الكونغرس عام 1995، ربما اعتبر البعض أن هذا التأجيل يعكس توجهًا أمريكيًا يتناقض مع المصلحة الإسرائيلية، بينما الأمر يبدو مختلفًا، لأن التأجيل يتيح المزيد من الوقت الذي تستغله إسرائيل في فرض وضع جديد على الأرض، حيث يصبح من السهل، عندما تحقق إسرائيل تهويد القدس بالكامل، نقل سفارتها بعد فرض سياسة الأمر الواقع، ولعل ذلك يفسر أيضًا إصرارها منذ بدء مفاوضاتها مع الفلسطينيين قبل نحو 20 عامًا على تأجيل البحث في ملف القدس حتى المرحلة النهائية من المفاوضات. ما تشهده القدس من أعمال مصادرة وهدم وضم وتغيير في المعالم التاريخية والأثرية يؤكد هذه الحقيقة، لاسيما بعد أن كشفت حركة السلام الإسرائيلية بأن إقامة حديقة قومية على أراضي بلدتي العيساوية والطور في القدسالشرقية يعتبر خطوة على طريق تهويد المدينة بالكامل من خلال منع هاتين البلدتين من التوسع وإيجاد رابط جغرافي ما بين «الحوض المقدس» الذي تقيمه السلطات الإسرائيلية حول بلدة القدس القديمة والمشروع الاستيطاني الكبير المعروف باسم «E1»شرق القدس، وهو ما يعني أن القدس أصبحت قاب قوسين أو أدنى من التهويد الكامل، الأمر الذي يتطلب يقظة فلسطينية – عربية – إسلامية لاتخاذ مواقف جادة وفاعلة، ترتقي إلى مستوى هذا التحدي الخطير، وذلك من خلال تفعيل وتنشيط عمل المنظمات واللجان ذات الصلة، وفي مقدمتها الجامعة العربية، ولجنة القدس، ومنظمة التعاون الإسلامي، والعمل بشكل جماعي تتضافر فيه الجهود بهدف وقف مسلسل التهويد، إلى جانب العمل من خلال القنوات الدبلوماسية والسياسية والإعلامية لدفع الكونجرس إلى إلغاء قانون نقل السفارة الأمريكية إلى القدس كونه يتعارض مع قرارات الأممالمتحدة بدءًا من القرار 194، وأيضًا مع الرؤية الأمريكية بشأن حل الدولتين باعتبار القدسالشرقية ضمن الأراضي التي احتلتها إسرائيل في العام 1967 .