كنتُ قد تطرّقتُ في الأسبوع الفارط عبر مقالتي "برامج وثقافات" إلى الأساسين: النظري الأكاديمي، والتطبيقي في ممارسة العمل الإعلامي المتلفز؛ وأشرت إلى أن خبراء الإعلام، ومنظريه الذين أشبعوا الإعلام المتلفز بحثًا وطرحًا علميًّا مؤصلاً، اتفقوا على ضرورة أن يحمل ذلك الجانب المهم من الإعلام رسالة إعلامية هادفة وراقية. نعم.. فالتلفزيون في زمن الفضائيات "عابرة القارات" يؤثر في شريحة كبيرة من المجتمع، دون الالتفات إلى مسألة مستوياتهم، وانتماءاتهم في مختلف التوجهات، لذا فإن من الأهمية بمكان أن نلفت إلى ثقافة المذيعين والمذيعات في الفضائيات العربية، التي باتت تدلف بيوت الأسر، وتساهم بشكل فعّال في جذبهم بحسب منطلقات كل قناة على حدة!.. وفي خضم ذلك التنوّع والتموّج الفضائي، والسباق الاستثماري باسم رسالة الإعلام، اختلط على المشاهدين الحابل بالنابل! ووفقًا لمبادئ بعض القنوات ظهر بعض المذيعين والمذيعات بأساليب لا علاقة لها بالأصول المهنية للإعلام المرئي؛ وقدمت بعض القنوات مذيعين ومذيعات بمستوى ثقافي متواضع جدًّا، لا يوحي باحترام الصفات الواجب توفرها في المذيع الناجح، والحق أن بعض هؤلاء تسيّد الشاشة بضعف وهشاشة ثقافية وإعلامية تكشف عن ضحالة في الأسلوب والأداء، فضلاً عن عدم وجود مقومات مذيع الرسالة الإعلامية الصادقة والمثقفة! وهنا يتحتم استثناء كبار المذيعين المعروفين في عدد من القنوات الذين يقدمون الأنموذج "المثقف" للمذيع العصري الواثق من ثقافته، وأسلوب مخاطبته للمتلقين، والسؤال الذي يطرح: هل طغى الإعلام المرئي التجاري على الساحة الفضائية؟ أم أن بعض القنوات لا تمتلك إدارة إعلامية قديرة جعلها تختار مقدمين ومقدمات للبرامج والنشرات دون تثقيف وتدريب، وفرز صحيح وعلمي للمواهب التي تستحق أن تخاطب الناس؟!