أكد خبراء ومسؤولون سابقون في الجامعة على أهمية إعادة هيكلتها وأدائها بما يتواكب والمستجدات والتحول الذي تشهده المنطقة العربية لصالح الشعوب واعتبروا أن الموقف من ليبيا ثم سوريا يعد مؤشرًا على هذا التحول باتجاه أن تصبح الجامعة معبرة عن إرادة الشعوب وبيتًا حقيقيًّا لها. لم تكن مهيأة للربيع العربي يقول السفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام للجامعة العربية إن الجامعة لم تكن مهيأة بالكامل للتعامل مع الربيع العربي ولكن في اعتقادي أن هناك مرجعيات أساسية تمكنها من الانطلاق في الفترة القادمة لتواكب هذه التطورات والتعامل معها ومن بينها الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي تم إقراره في الجزائر عام 2005 ، وهناك أيضًا مرجعية أخرى هي وثيقة التطوير والتحديث التي تم إقرارها في قمة تونس 2004 وهي تطلب من جميع الدول العربية إرساء تطوير مجتمعاتها وإقرار التعددية والديمقراطية وتمكين المرأة وإتاحة الفرصة للعمل أمام الشباب ولكن علينا أن نعترف بأن الوثيقتين غير كافيتين ويحتاج الأمر إلى المزيد من ذلك إعطاء الأمين العام هامشًا من الحركة دون التذرع بأنّ الأمر يمثل نوعا من التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء وهناك البعد الشعبي الذي يمثله البرلمان العربي الانتقالي رغم انه مازال «طفلا يحبو» «ولم يكتمل بعد نموه» وهناك ضرورة لإعطائه فرصة واختصاصات لكي يتمكن من فرض رأيه ولكن مع تطورات الأحداث في سوريا وليبيا رأت الجامعة ألا تظل مكتوفة الأيدي وألا ستكون بمنأى عن الأحداث ولن تكون سوى واجهة غير معبرة عن إرادة الشعوب ومن ثم تحركت الجامعة لاستيعاب الأحداث وأطلقت مبادرتها لإنقاذ الوضع في سوريا ثم اتخذت موقفًا عمليًا ضد النظام السوري ولعل ذلك يمثل بداية جديدة تخرج الجامعة من حالة الصمت باتجاه مساندة حق الشعوب وأعتقد أن الجامعة سيكون لها دور محوري وهام وأكثر فاعلية في المستقبل. الثورة الليبية نقطة تحول ويرى الدكتور محمد عبدالسلام الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية فإن ثمة تغييرًا جوهريًّا في سياسة الجامعة العربية منذ اندلاع الثورة الليبية في منتصف شهر (فبراير) الماضي. وقال إن الجامعة بدأت بالتفاعل مع قضايا الشعوب وإن لم تفعل ذلك فإن وجودها سيصبح مثل عدمه ومن الواجب أن تطور الجامعة من منظومتها لتتواكب مع التغيرات الجذرية التي تحدث في العالم العربي فقد كانت قبل الربيع العربي في حالة احتضار منذ نحو عشرة أو خمسة عشر عامًا، ولم يكن لقراراتها أية فاعلية، ولم تكن اجتماعات القمة تعقد على مستوى الرؤساء والملوك، وكان التمثيل الدبلوماسي ينخفض عامًا بعد الآخر إلى أدنى مستوياته. أما عن الأداء فيما يخص القضايا العربية، لاسيما الصراع العربي الإسرائيلي فقد كان مخزيًا جدًا. المستقبل يحمل بوارق الأمل وأضاف أن المستقبل سيري تفعيلًا لمواقف الجامعة من القضايا والمشاكل بحيث يكون التدخل عربيًا من خلال إقامة منظومة دفاع مشترك سيتم التوافق عليها كما سيتم بحث المشروعات التي طرحت لتطويرها وتفعيل أدائها بشكل جدي بما يسمح بحل الخلافات ومواجهة الأزمات ويؤكد ذلك الأساليب المختلفة في التعامل مع الأزمات مثل «السورية والليبية واليمنية» التي تم التعامل مع كل حالة بمفردها والقناعة تقول إنه يجب أن تكون هناك آلية موحدة للتعاطي مع الأزمات من هذا النوع. إعادة النظر فى الميثاق ضرورة ملحة ويري الدكتور أسامة نور الدين الخبير في الشؤون الإقليمية أن القرار الذي اتخذته الجامعة ضد سوريا أحياها من الموت. وأوضح أن دورها في المنطقة كان قد انتهى منذ نحو 20 عامًا، أو أكثر، ولم تعد سوى منظمة لإصدار بيانات الشجب والاستنكار. وأشار إلى أن الجامعة بدأت تضع قدميها على الطريق الصحيح نحو تفعيل دورها في ما يخص القضايا العربية، مشددًا على ضرورة إعادة النظر في ميثاق عملها بما يتيح لها التعاطي مع القضايا بفاعلية أكبر، ومنع التدخل الأجنبي في المنطقة. ودعا نور الدين النظام السوري والمعارضة معًا إلى ضرورة التعامل بجدية مع قرارات الجامعة؛ لأن التعامل معها بغير تلك الطريقة يفتح الباب أمام التدخل الأجنبي وفرض عقوبات والقيام بأعمال عسكرية، بما يضر في النهاية بالشعب السوري والوطن العربي. مشروعات التطوير يجب أن ترى النور الدكتور عبدالله الأشعل المرشح المحتمل للرئاسة في مصر يؤكد أنه آن الأوان لتكون الجامعة العربية في طليعة قيادة العمل العربي المشترك وأن تخرج كل مشروعات تطويرها إلى النور وألا تستأثر بالجامعة دولة أو دولتان معتبرًا أن ثورات الربيع العربي سيكون لها تأثير مباشر على أداء الجامعة في الفترة القادمة الذى يجب أن يكون نشطًا وألا فلن يكون للجامعة وجود من الأساس لأنه لن يقبل هذا الدور الخامل الذي يتولي بيانات الشجب والإدانة ويستبشر الدكتور الأشعل بأداء الجامعة من خلال تفعيل منظومتي الدفاع المشترك والسوق العربية المشتركة وتنشيط أداء البرلمان العربي الذي سيعبر في المقام الأول والأخير عن إرادة الشعوب وقد رأينا ضرورة التحول بما يواكب إرادة الشعوب في التعاطي مع الأزمة السورية، وهو ما يعني أن الجامعة تتعرض لامتحان صعب ولا بد أن تغير من كل آلياتها لتكون جامعة للشعوب، وأضاف: إن النضج السياسي في المرحلة القادمة سيفرض نفسه على منظومة العمل المشترك وستكون الجامعة أول من يجني ثماره؛ حيث سيتم إعادة النظر في ميثاق الجامعة وتفعيل آلياتها ودراسة مشروعات التطوير التي لا تزال حبيسة الأدراج.