كانت مأساة وصدمة في آن تلك التي شهدتها مدرسة براعم الوطن في جدة أمس الأول على إثر الحريق الهائل الذي شب فيها، ليس فقط لأنها مست شغاف قلوب مئات الأسر في مدينة جدة، بعد وفاة معلمتين وجرح وإصابة 46 طالبة، وإنما لأنها مست أيضًا شغاف قلوب كافة الأسر في أرجاء الوطن، فهذا الحادث المؤلم أعاد إلى الأذهان حادثًا مشابهًا في المتوسطة 31 في مكةالمكرمة عام 2002، الأمر الذي بات يحتم مراجعة اشتراطات السلامة ووضع حلول جذرية للحيلولة دون تكرار هذا النوع من الحوادث الذي يختار ضحاياه من فلذات أكبادنا. حادث الحريق أكد مجددًا على ضرورة تخصيص المدارس دورات تدريبية على آليات الخروج من المدرسة حال الخطر مع بداية كل عام جديد، وأن تزود المدارس بمخارج طوارئ كافية وموضحة باللافتات والأسهم التي تشير إلى تلك المخارج ومساراتها، إلى جانب ضرورة توفر أجهزة إطفاء وأجهزة الكشف عن الدخان، بكميات كافية تغطي فصول المدرسة وممراتها ومستودعات الكتب، وأن يكون حراس المدارس ومراسلوها على بينة للتصرف الصحيح في مثل هذه الحالات، وأن توفر لجان رقابة ومتابعة من إدارة التربية والتعليم والدفاع المدني بشكل دوري للتحقق من توفر وسائل السلامة وصلاحيتها في كافة المدارس الحكومية والأهلية. طلب سمو أمير مكةالمكرمة تحقيقا شاملا ومفصلا عن الحادث متضمنا كافة ملابساته وأسبابه بعد حضوره إلى موقع الحادث على الفور لمتابعة جهود الإطفاء والإنقاذ بنفسه قاطعا اجتماعه في لجنة الحج المركزية يعكس اهتمامه الكبير وتألمه الشديد لهذا الحادث، وتطلعه نحو توخي الآليات والاحترازات التي تحقق سبل السلامة لأبنائنا الطلاب والطالبات. هذه المأساة تقتضي منا الاهتمام بتعزيز ثقافة العمل التطوعي الذي أثبت جدواه في التقليل من نتائج هذا النوع من الكوارث، وتشجيع المشاريع غير الربحية، خاصة في قطاعي التعليم والصحة اللذين يشكلان القطاعين الأكثر التصاقا بصحة النشء ومستقبل الأجيال؛ لأن الكارثة الكبرى أن يكون الربح هو الغاية الكبرى من بناء مستشفى أهلي أو تأسيس مدرسة أهلية.