يقول الحسن البصري -رضي الله عنه-: أمس أجل، واليوم عمل، وغدًا أمل. وفي موضع آخر يقول: يا ابن آدم إنّما أنت أيام، كلّما ذهب يوم ذهب بعضك. إن في انصرام الليالي والشهور والأعوام عِبرًا وأيّ عِبرٍ، فكل يوم نقطعه في هذه الدنيا يقرب إلى الله، فكيف بعام كامل انصرم بليله ونهاره، بثوانيه ودقائقه وساعاته، وأيامه وشهوره، مضى في لمحة بصر، مضى بحلوه ومره، فما أسرع انقضائه. عام مضى وكأنه ما مر عام عام مضى وكأنه رؤيا الأنام نحن في سير إلى الله سبحانه وتعالى، فلا ندري متى نحط رحالنا؟.. والسؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا: ماذا قدمنا؟ هل سيكون ذلك العام شاهدًا لنا أم علينا؟. هل سنعقد العزم على التوبة والإنابة، ونقف وقفة محاسبة مع أنفسنا، أم أن التسويف عاقد صفقة العمر معنا؟. هل ستظهر آثار التوبة في أقوالنا وأفعالنا، أم أننا فقط نجيد صياغة الجمل والعبارات مع نهاية كل عام؟! أسئلة كثيرة لابد أن نجيب عنها إجابة صادقة؛ لنبدأ رحلة التغيير، فلا ندري هل قربت رحلتنا على الانتهاء، فربما يكون العام الأخير لنا في هذه الدنيا الفانية، بل الشهر الأخير، بل الأسبوع الأخير، بل اليوم الأخير، أو الساعة الأخيرة، فإنني أخاطب نفسي أولاً، ثم إخوتي الكرام، فكلماتي هذه والله لم أرتب لصياغتها، وإنما وقفة محاسبة مع النفس المقصرة، علّها أن ترجع وتؤوب قبل لا ينفع الندم (أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) الآية. يقول صلى الله عليه وسلم (اغتنم خمسًا قبل خمس، حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك). ويقول عليه الصلاة والسلام: (لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع ومنها عن عمره فيما أفناه)، فبماذا نجيب إذا سألنا الله سبحانه وتعالى عن أعمارنا وأعوامنا فيما أفنيناها؟ وهذا التساؤل كان خاتمة تحاوري مع نفسي، ولكل نفس إجاباتها.