تعيش مباني الإسكان الطلابي بجامعة الملك عبدالعزيز (المباني الشرقية) حالة من «العزلة والإبعاد» منذ أكثر من عقدين من الزمن، ورغم أنها كلفت خزينة الدولة ملايين الريالات إلا أنها خارج الخدمة طوال هذه السنوات، وقد كسا جدرانها الغبار وحاصرت أبوابها أكوام أغصان الأشجار اليابسة. يحدث ذلك فيما يسكن طلاب الجامعة في الأحياء العشوائية المجاورة للصرح الأكاديمي الكبير، وهو ما يطرح عدة أسئلة جميعها تدور حول محور واحد (أليس طلاب الجامعة أحق بتسكينهم في هذه المباني بدلا من تركها مهجورة هكذا؟). وينسج كثيرون العديد من القصص حول هذه المباني المهجورة لدرجة أن البعض ذهب إلى أنها مسكونة من الجن، وهو تعبير ضاحك يتم إطلاقه على المباني التي يهجرها أصحابها لفترات طويلة. وأمام ما تشهده إدارة الإسكان من حرج في بداية كل عام دراسي من الطلاب الراغبين في حجز أماكن لهم داخل منظومة الإسكان الجامعي، حيث يضطر الكثير منهم إلى العودة أدراجهم بحجة أنه لا يوجد مكان «شاغر» في السكن، التقت «المدينة» بعض الطلاب الذين يسكنون في الأحياء العشوائية المجاورة للجامعة بعد أن عجزوا عن إيجاد مكان في السكن الطلابي. كفاح يومي بداية قال الطالب محمد المالكي أنه اضطر مع العديد من زملائه للسكن في حي الجامعة القريب من مقر الجامعة لتسهيل وصولهم إلى قاعات الدراسة، خاصة في ظل عدم امتلاكه لسيارة خاصة. المالكي يكافح يوميًا حاملًا حقيبته التي تغص بالكتب والمقررات في رحلتي الذهاب والعودة سيرًا على الأقدام من أجل مواصلة دراسته. لا شيءغير الاعتذار ولا يختلف الحال عند أيمن البلادي الذي طالب أكثر من مرة منذ دخوله الجامعة بتوفير سكن في وحدات الإسكان الجامعي، ولكن جميع محاولاته كانت نتيجتها الاعتذار فاضطر للسكن في حي الحمراء بعد أن عجز عن إيجاد بيت صالح للسكن في الأحياء القريبة من الجامعة نظرًا لعشوائيتها. بين الجامعة والروابي عماد الكلبي وسامي محمد هما الآخران يمثلان الفئة التي لم تستطع الحصول على مكان في وحدات السكن، فالأول يسكن في بيت شعبي في أحد الأزقة الترابية بحي الجامعة، فيما يسكن زميله الثاني في حي الروابي وهو لا يملك سيارة خاصة تقله إلى مكان دراسته. نحتاج إلى دراسة إنشائية من جانبه أوضح عميد شؤون الطلاب الدكتورعبدالله مصطفى مهرجي أن هناك أوامر في فترات سابقة بإلغاء نظام السكن الجامعي في الجامعات بما فيها جامعة الملك عبدالعزيز، وعندما أعيد نظام التسكين في وحدات الإسكان الجامعي تم ترميم المباني ذات النطاق الذي يحمل الرقم (100)، وهي المباني التي يتم تشغيلها حاليًا، فيما لم يتم إعادة التسكين في المباني ذات النطاق الذي يحمل الرقم (300 ، 400) وهي المباني المهجورة منذ أكثر من 20 عشرين عاما -على حد تعبيره. وفي ما يتعلق بمدى إمكانية إعادة الحياة لهذه المباني أوضح د. مهرجي أن هناك إمكانية من خلال وكالة الجامعة للمشاريع للتفكير في إعادة ترميم هذه المباني، ولكنها تحتاج إلى دراسة إنشائية لمعرفة مدى صلاحيتها وتقبلها للترميم نظرًا لتوقف السكن فيها منذ سنوات.