تكتسب فريضة الحج مكانتها من بُعدين رئيسين أولهما ديني يتمثل في كونها الركن الخامس من أركان الإسلام ، وثانيهما سياسي بناءً على ما تحشده الدولة من الإمكانات المادية والبشرية والاستعدادات الأمنية والعسكرية ؛ إضافة إلى تنظيم الفعاليات المُصاحبة مثل ندوة الحج الكبرى ، وذلك بهدف تيسير أداء حجاج بيت الله الحرام لمناسكهم في أمن وطمأنينة ؛ إيماناً منها بعِظَم المُهمة ، وشرف الخدمة . من هذا المُنطلق تبنى سمو أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل شعار : الحج عبادة وسلوك حضاري ، إذ تتضمن مُفردات الشعار البعد الأول العبادة ، والبعد الثاني سلوك حضاري فالعبادة مُقدمَة ؛ لأنها الأصل ، والسلوك مُخرج منطقي لممارستها متى ما كان أداؤها على الوجه الذي بينته تعاليم الدين ، ووصلنا بالتواتر من سيرة المُصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ونظراً لبعض السلوكيات السلبية التي تُمارَس من قبل بعض الحجيج قامت الدولة بسن قوانين تُقوِّم اعوجاج هذه التجاوزات بدءًا من طلبها المُقدم لمنظمة المؤتمر الإسلامي منذ ربع قرن تقريباً بتحديد نسب الراغبين في الحج من كل دولة ؛ بناءً على تنامي أعداد الحجاج عاماً بعد عام ، وعدم قدرة المشاعر المُقدسة على استيعاب هذه الحشود البشرية ؛ نظراً لضيق المساحة التي يتحرك فيها الحجاج نسبة إلى أعدادهم ، إلى القيام بتنفيذ أحدث المشاريع الحديثة التي انتهجت الديمومة طوال السنوات الماضية ، فلا يمر عام إلا وتشهد المشاعر المُقدسة المزيد من المشاريع في كافة المرافق الخدمية التي تستهدف بالدرجة الأولى توفير أقصى سبل الراحة لحجاج بيت الله الحرام . ومع هذه الخدمات الجليلة التي لا يُنكرها إلا جاحد إلا أن مِنْ بين الحجيج مَنْ يسعى بقصد لتعكير صفو هذه الفريضة ، ويتمثل في إثارة الفوضى من خلال تنفيذهم لأجندة فكرية يحملونها ذات طابع سياسي غير متوافقة مع قدسية هذه المناسك أولاً ، والتعدي على الأنظمة والتعليمات المُتبعة في المملكة ثانياً ، الأمر الذي يُخرجه من سياق الهدف الأسمى للحج ، ووقوعه تحت تأثير التبعية العمياء ، مما يدفع بالأجهزة الأمنية للوقوف بحزم وصرامة في وجهه ، وعدم منحه فرصة تسييس الدين ، وإشاعة القلاقل أثناء تأدية الحجاج لمناسكهم ، وبيان أن احترام التعليمات خط أحمر لا يُسْمَح بتجاوزه مهما كانت المُبررات والمُنطلقات ، أو بغير قصد نتيجة لعدم معرفة بعض الحجاج بالتنظيمات المُحددة لأداء الحج ، ويمكن معالجة هذا الخلل أولاً بالدور الوقائي المُتمثل في توعية الحجاج في بلدانهم من خلال دورات تأهيلية تُركز على الجانب التطبيقي أكثر من اهتمامها بالتنظير ، وثانياً عن طريق التوعية الآنية لهم سواءً أكان ذلك في مخيماتهم ومقار سكنهم ، أم أثناء تأديتهم للشعائر ؛ شريطة أن يكون اختيار من يقوم بهذا الدور مبنياً على معايير علمية تجمع بين التمكن الشرعي والسلوك القويم .