حذر الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، عبدالرحمن السديس، من تسييس فريضة الحج، مشيراً إلى أن الحج عبادة وعقيدة ومبدأ وركن من أركان الإسلام يبنى على إخلاص الدين لله عز وجل، وهذا يقتضي أن لا يُرفع شعار للحج إلا شعار التوحيد «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وأن لا ترفع الشعارات السياسية. وقال السديس، في كلمة ألقاها صباح أمس، ضمن فعاليات ندوة الحج الكبرى، إن تسييس هذه الفريضة يخرجها عن المنهج الشرعي، لافتاً إلى أن هذه الشعيرة لا تخضع لأي نعرات طائفية، أو إقليمية، أو عصبيات، أو حزبيات، مبيناً أن الحج عبادة وسلوك حضاري، فلا ينبغي أن يدعى إلا الله، كما أنه ليس مكاناً للمظاهرات، أو المسيرات، أو ما يخرج عن المنهج الشرعي. وكان وزير الحج، الدكتور بندر حجار، افتتح الندوة، التي تعقد هذه العام تحت شعار «الحج عبادة وسلوك حضاري»، أمس، بحضور مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، عبدالعزيز آل الشيخ، الذي ألقى كلمة وصف فيها الحج بالمؤتمر الإسلامي الكبير، مؤكداً أنه يقوي الأمة، ويزيد ارتباط بعضها ببعض، ويشد أزرها، ويلتقي فيه المسلمون من أرجاء الدنيا على اختلاف لغاتهم وأماكنهم، ويجمعهم في جامع واحد. وأشار آل الشيخ إلى أن الدولة بذلت جهوداً لتهيئة مناخ لحجاج بيت الله الحرام ليؤدوا مناسكهم في أمن ويسر وسهولة وراحة واطمئنان، وسخرت الرجال والأموال من أجل راحة ضيوف الرحمن منذ عهد الملك عبدالعزيز، حتى هذا العهد، داعياً الأمة الإسلامية إلى أن تكون أمة واحدة. وشدد المشاركون في الندوة، التي انطلقت أعمالها أمس وتختتم اليوم، على أهمية النظافة في الحج، للوقاية من الأمراض، وإلى كيفية الحرص على سلامة الحجاج، وما يجب أن يتحلى به الحاج من خصال يحفظ بها حجه من الفساد والبطلان. فيما واصلت الندوة، جلساتها العلمية بعقد ثلاث جلسات قدم خلالها 12 بحثاً وورقة عمل تناولت مظاهر السلوك الحضاري واحترام الأنظمة واللوائح والمواعيد وآداب الحوار في الحج ومراعاة حقوق الآخرين. وأبرزت أهمية تحلي الحاج بالحلم والصبر والتسامح والتعاون والإيثار والسكينة والهدوء والنظافة الشخصية والمحافظة على البيئة وحمايتها داخل المشاعر المقدسة والحرص على سلامة الحج والحجيج وعدم الإضرار بهم، متناولة أهمية توعية الحجاج بمقاصد الحج وتنمية السلوك الحضاري أثناء الحج. وأبرز المتحدثون في الجلسات جوانب من مظاهر السلوك الحضاري في الحج مؤكدين أن الحج من الأعمال التي يتجلى فيها شأن التوحيد وبناء العقيدة على أسس سليمة، وتعكس البعد السلوكي والثقافي ودوره في تكوين الشخصية المثالية في المسلم. وأكدوا أن من مظاهر الحج المهمة الواقع العقدي الذي يتجلى فيه شأن التوحيد وبناء العقيدة على أسس سليمة منها أن الحج رمز لوحدة الأمة الإسلامية والقضاء على الخلافات فيما بينهم، وأنه عامل في توجيه الأمة الإسلامية لتقديس المقدسات وتعظيم حرمات الله. وأفادوا أن من آداب الحوار في الحج أن يكون الكلام هادفا إلى الخير والبعد عن الخوض في الباطل وأن يحاور كل إنسان بما يناسبه شرعاً وعرفاً والبعد عن عبارات المدح للنفس، أو للغير، وإخلاص النية لله في المحاور، فلا يقصد في حجه رياء ولا سمعة. وشددوا على أن يتحلى الحاج في أداء نسكه بالتسامح مع إخوانه الحجاج، والصبر في أداء العبادة، علاوة على حسن تعاون الحجاج فيما بينهم، مشيرين إلى أهمية النظافة في الحج للوقاية من الأمراض وضرورة أن يحافظ كل حاج على نظافته الشخصية، ونظافة بيئة المشاعر. وتطرقوا إلى ما ينبغي أن يسود بين الحجاج من روابط أخوية وعلاقات ودية تضمن سلامتهم، فالحاج مطالب بأن يكف الأذى عن الآخرين من خلال تجنب المزاحمة في الأماكن التي يكثر فيها الزحام والالتزام بقواعد المرور ومراعاة ذوي الاحتياجات الخاصة، واجتناب افتراش الأرصفة والطرقات لما يسببه من حوادث وعرقلة للسير، وكذلك إماطة الأذى عن الطريق والمحافظة على النظافة بتجنب إلقاء النفايات والأوساخ في الممرات.