تهفو القلوب هذه الأيام، وتتجه الأنظار إلى المشاعر المقدسة التي تستقبل حجاج بيت الله الحرام من كل حدب وصوب في أنحاء المعمورة؛ ليؤدوا الركن الخامس من أركان الإسلام المتمثل في الحج الذي فرضه الله عز وجل مرة في العمر على مَن استطاع إليه سبيلاً. مَن منَّا لا يتمنى أن يكون ضمن جموع الحجيج في هذه الصور الروحانية التي نشاهدها هنا وهناك؟ ومَن منَّا لا تشتاق نفسه، وتدمع عيناه، وهو غائب عن هذه الرحلة التي يعود بعدها الإنسان كيوم ولدته أمه، وقد غُفر له ما تقدم من ذنبه؟ كم أحمد الله عز وجل كثيرًا على أن يسّر لي أداء هذه الفريضة، وأنعم عليَّ بالقيام بهذه الرحلة المباركة قبل ثلاثة أعوام؛ عندما تكفَّل خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- مشكورًا بحجي، حيث ذُلِّلت كافة العقبات التي قد تواجه معاقًا مثلي في هذه الرحلة المقدسة. ولكن ماذا عن باقي إخواني من أصحاب الاحتياجات الخاصة، ذوي القدرات الخاصة، الذين يمنّون النفس بأداء هذه الفريضة، لكنهم لا يجدون إلى ذلك سبيلاً، في ظل الصعوبات التي تواجههم من الزحام، ووسائل النقل، وغيرها من الأمور التي تجعل من هذه الرحلة بالنسبة لهم حلمًا يصعب تحقيقه. كم كنت أتمنى أن أجد حملة واحدة من بين آلاف الحملات المنتشرة للحج والعمرة تكون مخصصة لذوي القدرات الخاصة؛ بتوفير السيارات المناسبة لنقلهم، بالإضافة إلى غرف خاصة بهم مع أسرهم التي تعتني بهم، حتى لو كان سعر الحملة باهظًا، فلا أعتقد أن المعاق سيتردد في الالتحاق بها متى ما وجد أنها تلبي احتياجاته الخاصة. كم أتمنى من الجهات المعنية بخدمة الحجيج أن تولي ذوي القدرات الخاصة مساحة من الاهتمام، عبر إنشاء ممرات خاصة بالمقاعد المتحركة، إضافة إلى مرافقين لهم، وغيرها من الخدمات التي يحتاجها هؤلاء لينعموا بحلاوة هذه الشعيرة الإيمانية. لا أعلم إن كان مقالي هذا قد جاء في الوقت المناسب، أم أنه أتى متأخّرًا، لكنني واثق تمامًا أنه سيجد الاهتمام المؤمّل من قِبل الجهات المعنية بخدمة ضيوف الرحمن في هذا الوطن، وأجزم لكم بأن مسؤولي تلك الجهات حريصون دائمًا على راحتنا، وسيبذلون ما في وسعهم لنتمكن جميعًا من القيام برحلتنا المقدسة.