1- المشاهد التي تم بثها للقذافي بعد مقتله، ذكّرتني بالصور التي التقطها وروّجها الثوار الرومانيون لتشاوشيسكو بعد إعدامه. هناك قسوة يمكن تفهّمها، لكن لا يمكن شرعنتها. العنف له أسبابه.. هذا صحيح.. لكن العنف يفتقر دائمًا وأبدًا إلى المبررات. هذا ما يقتضيه منطق الحق والعدل والحكمة. 2- تونس طوت صفحة بن علي دون أن تقتله، فهل تطوي ليبيا صفحة القذافي بعد مقتله؟! الطغاة لا يموتون إلاّ داخل صناديق الاقتراع. القذافي لم يمت حتى الآن. 3- تحدث مصطفى عبدالجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي في كلمته الموجّهة للشعب الليبي عقب مقتل القذافي، حول تفاصيل كثيرة، وأعلن عزمه تطبيق قوانين جديدة، وإلغاء العمل بقوانين قديمة تخص القطاع البنكي والمصرفي. ألم يكن أولى بعبدالجليل بدلاً من الحديث عن كل هذه التفاصيل، أن يعلن خطة واضحة المعالم لتحويل ليبيا إلى دولة مؤسسات دستورية أولاً؟! في السياسة -كما في كل شيء- تحديد الأولويات يجب أن يسبق أي عمل. 4- قال مصطفى عبدالجليل في كلمته إنه سيلغي العمل بكافة القوانين التي تتناقض مع الشريعة، وتحدث عن عزمه إلغاء القانون السابق الذي أصدره القذافي، والذي يقضي بحظر تعدد الزوجات. ألم تقم الثورة الليبية للقضاء على الطغيان والاستبداد؛ وتمكين الشعب من حق تقرير مصيره، أم تراها قامت من أجل إقرار قانون جديد للأحوال الشخصية؟! هل قدَّم الليبيون خمسين ألف شهيد في ثورتهم لينتفضوا على القانون الذي حظر تعدد الزوجات، أم لينهوا عهدًا كاملاً من الفوضى التشريعية، والهذيان الدستوري المستوحى من تخريفات الكتاب الأخضر؟! بالطبع فإن لا أحد يستطيع إنكار أن إلغاء قانون حظر تعدد الزوجات، والعودة إلى العمل بما تمليه الشريعة الإسلامية في هذا المجال هو أمر صائب ومطلوب. فقط أخشى أن ينحصر مفهوم التعددية في ليبيا على الزوجات دون أن يشمل التعدد السياسي والحزبي. لم يكن متبقيًا على عبدالجليل إلاّ أن يوضح موقف الثورة من الزواج العرفي!! أين هو فقه الأولويات؟! 7- لا أرى فرحة بانتخابات تونس توازي الفرحة بمقتل القذافي. إنه شيء مقلق فعلاً.