هذا الأسبوع مزدحم بالحزن، عاصف بالألم، مكتظ بالمواقف الخالدة، لن تتجاوز ذاكرة قلوبنا المشهد المهيب، والموقف العظيم لخادم الحرمين الشريفين والدنا أبي متعب، وهو يستقبل جثمان والدنا أبي خالد -رحمه الله- في موقف شطر قلوبنا نصفين، بين مشهد وقوف أبي متعب متحاملاً على آلامه، متكئًا على العكاز الطبي، والكمامات الطبية تغطي وجهه الكريم، وهو الخارج للتوّ من عملية في الظهر، لحدث قاصم للظهر يتقدم مستقبلي جثمان سلطان الإنسانية، وبين مشهد جثمان فقيدنا العظيم سلطان بن عبدالعزيز، يتنازع المشهدان قلوبنا، ويمزقان أوردتنا، وبين هذا وذاك كم نحتمل من الألم، وكم نطيق من النزف؟ ونحن نشعر بأن أبا متعب يتوكأ على شطر من قلوبنا، وأن جثمان أبي خالد سيُدفن في الشطر الثاني، ويبعث فيه، ويبقى ما بقي النبض، آه يا والديّ الحبيبين، ما أصعب ما نراه وما أعذبه. وكم في هذا المشهد الملكي من دروس وقيم ومثل وإنسانية؟! بين وفاء ملك عظيم، وأخ نبيل، ومثل أعلى لكل زعيم، وبين فارس دولة ترجل مبتسمًا بعد أن بنى وأسس، ودعم ورعى، ووجّه وسعى، وفي كل عمل، وفي كل حين ما فارق البِشر محيّاه، وكانت ابتسامته دومًا وأبدًا علامة تميّزه عن كل أحد، حتى استحق أن يحظى باحتشاد آلاف القلوب للسلام على جثمانه الكريم لحظة قدومه في المطار، والملايين خلف الشاشات، سلطان في وفاته يحظى بما لم يحظَ به قائد في حياته، يطمع الناس في الوصول إليه، وإظهار حبه. رحمك الله يا أبا خالد، يا سلطان الخير والعطاء، ومد لك في قبرك روضة من رياض الجنان، وجبر مصابك يا أبا متعب، وأطال عمرك، وأزاح ما أهمّك، وأبقاك وإخوتك ذخرًا للسعودية والسعوديين، وفخرًا نباهي به الأمم في كل حين وحدث.