الحمد لله الذي قدّر على خلقه الموتَ والحياةَ والنشوَر، وجعل لكل منهم أجلاً لا يستقدمون فيه ساعةً ولا يسْتأخرون.. وبعد، فقد فقدت بلادي الغالية ، المملكة العربية السعودية ، فجرَ أمس السبت ، ومعها العالمان الإسلامي والعربي بأسرهما ، فقدتْ ابنهَا البار، سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ، ولَيّ العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام ، بعد معاناة طويلة مع المرض، وهذه مشيئةُ الله وقضاؤُه وقدرُه لا محيدَ عنه ولا فرار . لقد كان أبو خالد سلطانَ الإنسانية ، غيثاً للفقير ، ونصيراً للمظلوم ، ورافداً للمحتاج ، وسنداً للمريض والعاجز وابن السبيل ، اقترن اسمُه في الأفئدة بحبّ الخير والبذل في سبيله، والمبادرة إليه ، ولذا ، سُمِّي صدقاً وعدلاً (سلطان الخير) ، فنِعْم القرين لهذه الفضيلة ونِعْم الرفيق ! لقد فقدنا في رحيل سلطان الخير منظومةً من القيم السامية والصفات النبيلة والسجايا الكريمة هذه بعضها : *فقده أخوه العملاق الكبير وخليله ورفيق دربه الطويل ، سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود أيده الله ، فقد كان له بعد الله سنداً وساعداً وعضداً أميناً! *وفقده إخوانُه جميعاً ، الكبير منهم قبل الصغير ، ومعهم أبناؤه وجميع آل بيته الكرام ، ذكوراً وإناثاً ، فقد كان المثل الأعلى في كل درب يدل إلى الخير ، ويقود إليه ، بدءاً ونهاية . *وفقدت برحيله حكومتُه وشعبُه قائداً ورائداً موجهاً بالخير وفاعلا له في شتى المجالات على مدى ستة عقود تقريباً. *وفقده شعبُه الوُّفي الأمين ، الذي رسم في وجدان رجاله ونسائه وشيوخه وشبابه وأطفاله عبر السنين معاني البر والشهامة والسخاء بذْلاً بلا حدود عَوناً لفقيرهم ، وعلاَجاً لمريضِهم ، وإقالةً لعثرة المديون منهم ، وذي الحاجة ، بلا مِنّةٍ ولا أذى . *وفَقدتْهُ قطاعاتُ الجيش المظفرَّ في كلِّ شبر من أرض هذا الكيان الكبير، فقد سهر رحمه الله عقُوداً طويلةً على بنائها وتُنميتها وتجهيزها بأحدث الوسائل والتقنيات لتُحقِّقَ البطولاتِ وقتَ المحن ، وتكسبَ في كل مرة الرهانَ على تفوّقها كونها بعد الله الحارسَ الأمينَ لهذا الوطن ، في سلمه وحربه . *وفقدته الإدارةُ والتنميةُ في المملكة ، لأنه كان منذ القدم مشاركاً في بنائها وموجِّهاً ورائداً ومنظماً لها ، فتحقق كثير مما تمنته وتمناه هو ومعه المعنيوّن بها في كل مكان . *وفقدته أمته الإسلامية والعربية ، فقد كان راية عالية ، ورمزاً غالياً من رموز الحكمة والعدل والسلام في كل مراحل عمره . **وبعد ، فرحم الله سلطانَ العزِّ والبر والرأيِ السديد . وعزاؤنا الأكبر لوالدنا العظيم سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ، ولإخوانه وأبنائه وآل بيته الكرام . والعزاءُ موصولٌ إلى كل أبناء وبنات الشعب السعودي الأبي الأمين ، وإلى محبِّيه في كل ارجاء العالمين العربي والإسلامي ، والحمد لله من قبل ومن بعد