سقط معمر القذافي وفلول نظامه المستبد وأصبح العالم اليوم أفضل بدون هذا الطاغية بكل ما تعنيه العبارة، فالحكام الذين يدمرون أوطانهم ويقتلون شعوبهم، ويستخدمون سلاح الفتنة لتقويض الوحدة الوطنية لشعوبهم هم أشد وطأة وشرًّا من الاستعمار الذي يستبعد الشعوب ويصادر حقوقها وحرياتها. لذا فإنه لا يمكن اعتبار وصف البعض لما حدث في ليبيا بأنه عملية تحرير بأنه من قبيل المبالغة، فقد ظل الشعب الليبي يرزح تحت نير هذا الحكم الجائر على مدى 42 عامًا لم يذق خلالها طعم الحرية، بل إن أجيالاً بكاملها ولدت ونشأت على ثرى الوطن الليبي وهي لا تعرف غير الطاغية وكتابه الأخضر الذي وضعه كدستور للبلاد يجسد فكره المنحرف. الاحتفالات التي عمت مختلف المدن الليبية على إثر إعلان نبأ سقوط القذافي وسقوط سرت، آخر معاقل أنصار الزعيم المخلوع، في قبضة قوات المجلس الانتقالي تثبت أن إرادة الشعب هي الأقوى. اليوم يمكن القول إن ليبيا قد تحررت، وأن نهاية القذافي وحكمه البائد ليس النهاية ، بل بداية مرحلة جديدة في تاريخ الشقيقة ليبيا، مرحلة مليئة بالتحديات والصعوبات، وتقتضي يقظة تامة للحفاظ على المكتسبات التي تحققت لهذا الشعب الذي ضحى وثابر وبذل الكثير من دماء أبنائه ثمنًا للحرية. فقوى الشر التي تتربص بليبيا كثيرة، بعضها ظاهر وبعضها الآخر غير ظاهر، كما أن المعركة الكبرى التي ينبغي على كافة أبناء الشعب الليبي التهيؤ لها، هي بلا شك معركة إعادة البناء بما يتطلبه ذلك من التعبئة العامة وتضافر الجهود لبناء ليبيا جديدة حرة ومستقرة تتوفر فيها مقومات الدولة الفتية ذات الحكم الرشيد الذي ينشد وحدة الوطن أرضًا وشعبًا ورفاهية المواطن دون تمييز. سقوط نظام القذافي رسالة واضحة بأن هناك معادلة لا ينبغي تجاهل طرفيها: الحاكم والرعية في إطار الوطن، فالحاكم الذي يضع مصلحته فوق مصلحة الوطن، ولا يعمل على توفير الأمن والرخاء لشعبه، والذي لا يتورع عن تهديد أمن واستقرار وطنه بالمغامرات غير المسؤولة لا بد وأن يواجه مصير القذافي .