لا يمكن أن يتطوّر التعليم في بلد ما؛ إلاّ بالاعتماد على المعلمين المبدعين، وتطوير أدائهم، ولأن هذا العام عام المعلم، أقول حتى يكون هناك معلمون مبدعون، لابد من الأخذ بأمرين في غاية الأهمية، أولاً: تهيئة الأجواء التربوية للمعلم في مدرسته، ثانيًا: أن يتوفر له التطوير المستمر والتدريب على الأساليب التربوية في طرائق التدريس المتنوعة التي تأخذ بإستراتيجيات التعلّم الحديثة، التي تمكنه من امتلاك المهارات اللازمة من تدريس المناهج الحديثة، وتجعله قادرًا على استثمار قدراته في تحقيق الأهداف التربوية، فمرحلة «احفظ وسمّع» مرحلة لم تعد صالحة للتعليم في هذا الزمان، والطالب اليوم لم يعد يجهل التعامل مع التقنية الحديثة، ومصادر المعرفة في حياته لم تعد قاصرة على المعلم، في زمن تفجر المعلومات، فهو بحاجة إلى من يثير عنده الإبداع، ويكشف عن مواهبه، ويدربه على أساليب الحوار، والتفكير، والنقد، وحل المشكلات، ولا يمكن للطالب امتلاكها إلاّ عن طريق «التعلّم الفعّال»، الذي يقوم على التعلّم النشط، والمرحلة الراهنة في التعليم لابد أن تتبنى (تعليم الطالب كيف يتعلم، كيف يفكر، كيف يخطط، كيف يحاور، كيف ينتقد، كيف يحل مشكلاته، كيف يتفاعل مع الآخرين؟)، وحتى يتمكّن من هذا يجب أن يكتسب مهارات التفكير، من خلال أسلوب التعلّم وفق أساليب حديثة تجذبه نحو المدرسة، وتشوقه للمعرفة. وما أكثر ما أثبتت الدراسات التي قدمها التربويون من أن التعليم التقليدي لا ينمي القدرات العقلية للطالب، وتجعله يقف عاجزًا أمام المتغيرات المتسارعة في العالم، وعلى مستوى المجتمع المحلي المحيط به. لأن الأسلوب الذي يركز على «الحفظ والتذكر»، لم يعد مناسبًا لجيل تظهر عليه سمات الإبداع مبكرًا، ويتعامل مع وسائط التكنولوجيا، ويقتحم أصعبها دون خوف. بل «التعليم التقليدي» يُعدُّ متهمًا رئيسًا في فقدان الطالب لكثير من مهارات الإبداع، وسببًا في خلق حالة لديه من الملل وكراهية المدرسة، لأنه لا يجد مع الطرائق القديمة ما يشبع رغباته، ويستهوي إغراءات عقله، ويثير التحدّي المعرفي عنده، ويستمطر أفكاره، لكي يسأل، ويجيب، ويحاور، وينتقد، وينمي ثقته بنفسه؛ ليتواصل مع وسائل التقنية التي توفر له سيلاً من المعلومات بضغطة زر يتحصل عليها لوحده دون عناء. وحتى نكون منصفين لأنفسنا عندما نتساءل، عن إصلاح التعليم، وهي رغبة أكيدة لدى الجميع، وتؤكدها مؤشرات عديدة في مقدمتها ذلك الاهتمام من القيادة العليا في البلاد، وذلك الإنفاق الضخم على التعليم، يجب أن نبتعد في التعليم عن التنظير والشعارات، لأنها لن تحقق آمال إصلاح التعليم، وبدلاً من ذلك لابد أن نحقق للمعلم بعضًا من تطلعاته، ومنها (خفض نصابه من الحصص، إبراز مكانته من خلال تكريمه وتقدير جهوده، توفير التأمين الصحي، إتاحة فرص استكمال دراساته العليا، وتوفير برامج تدريبية على مستوى عالٍ، واحتساب ساعات التدريب لصالحه عند ترشحه لمناصب، تحسين ظروف البيئة المادية المدرسية لكي يعمل بروح متدفقة بالحماس، إيجاد الحوافز المادية والمعنوية التي تزيد من شعوره بالرضا الوظيفي، مع توفير الوسائل التقنية الحديثة المساعدة على تعلم طلابه، وكذلك لابد من حسن اختيار القيادات المدرسية التي تستثمر طاقاته في تحقيق أهداف التربية والتعليم لبناء جيل مسلح بالعلم والتربية.. هذا وبالله التوفيق.