أكدت منسقة المعارضة السورية في القاهرة لينا الطيبي أن الإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس السوري بشار الأسد، «وهمية»، مشيرة إلى أن المجلس الوطني السوري بصيغته الحالية، استطاع الحصول على أكبر نسبة تأييد من المعارضة في الداخل والخارج. جاء ذلك في حوار أجرته «المدينة» مع الطيبي في القاهرة، حيث أجابت عن التساؤلات الخاصة حول الأزمة السورية، وفيما يلي نص الحوار: * هل تعتقدين أن المجلس الوطني السوري، قادر على التواصل مع المعارضة في الداخل؛ مما يجعل دوره أكثر تأثيرًا؟ - المجلس بصيغته الحالية، استطاع الحصول على أكبر نسبة تأييد من المعارضة السورية في الداخل والخارج، ونظرًا لتعقيد الوضع السوري وتشابك مكونات نسيجه فإن المهمات المنوطة به استثنائية ومركب، وهذا أمر يظهر جليًا لكل مراقب للوضع السوري. ومن المسؤوليات الملقاة على عاتق المجلس هي أمن السوريين وأعراضهم وأرواحهم، فنظرًا لوحشية النظام وقمعه واللإنسانية التي يتمتع بها، لا بد للمجلس أن يكثف الجهود ويستعين بكل أوراقه؛ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرواح، وهذا ما سيجعل النظام السوري يركز على تشويه صورته وصورة أعضائه بكافة الطرق الممكنة، وبالفعل بدأنا نشهد مخابرات بصورة معارضة تنتشر عبر «الفيس بوك» و»تويتر»؛ لتشويه صورة المجلس. على المجلس الوطني أن يباشر فورًا بخطة عمله من أجل دعم الثورة في الداخل والخارج، ومحاولة تذليل أية معوقات متوقعة ونبذ الخلافات والعمل على وحدة الصف الوطني. النظام السوري في حالة قلق حقيقي من المجلس الوطني، وسيسعى بكل طاقاته موظفًا المال والمخابرات؛ لإفشال مساعي المجلس، لهذا علينا كمعارضة أن نكون واعين لهذه المسألة فمجرد الوعي بها يذلل أي محاولات لتشتيت الشمل. منذ إعلان المعارضة السورية تشكيل المجلس الوطني كإطار مؤسسي يجمع مكونات الثورة السورية وتساؤلات كثيرة تثار في الساحتين الإقليمية والدولية حول مثارات الأزمة السورية، وهل تفضي خطوة تشكيل المجلس إلى مآلات تحققت للمجلس الانتقالي الليبي الذي نجح في أن يفرض نفسه بديلًا لنظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، وحصل على اعتراف عربي ودولي بأنه الممثل الشرعي للشعب الليبي، وهي الخطوة التي يحاول المجلس الوطني السوري تحقيقها من خلال تحركه من اسطنبول، حيث تم تدشين المجلس هناك إلى القاهرة، حيث جرت انتخاب الهيئة الإدارية للمجلس، انتظارًا لاختيار رئيس للمجلس يتولى مسؤولية الاتصال بالفعاليات العربية والدولية، خاصة أنه يسعى إلى فتح حوار مع الجامعة العربية، كما يجري مشاورات مع القاهرة لافتتاح مقر للمجلس، حيث الدور المحوري الذي تمثله القاهرة في السياسة العربية. * ما هو الحد الأدنى من المطالب الذي تقبل به المعارضة في سوريا، وهل تقبل ببقاء نظام الرئيس بشار مع إصلاحات حقيقية؟ - إن مسألة الإصلاحات مسألة وهمية، والشعب السوري المعارض لا يريد المزيد من الإصلاحات، وأعتقد أن خير من يجيب على هذا السؤال هو «الشهداء» وأم زينب الحصني، وأم حمزة الخطيب، وغيرهم، ممن دفعوا الدم الغالي. الحد الأدنى الذي يرضى به الشارع هو سقوط النظام؛ لأن بقاءه يعني تهديدًا لسلامة كل مواطن سوري حر. هل ستطالب بين ليلة وضحاها أن تفتح كل المعتقلات ويخرج جميع المعتقلين وليس المتهمين بالجرائم من أنواع مهربي الأسلحة والمخدرات كما يحدث مع كل عفو؟ هل ستطالب بأن يكون هناك انتخابات حرة من دون سطوة اعتقال وترهيب؟ هل ستطالب بأن يحل حزب البعث وتجتث تعاليمه من مناهج الدراسة؟ هل ستطالب بأن يستطيع أي مواطن سوري أن يقوم بتأسيس مؤسسة ربحية لا تشاركه السلطة بأرباحها؟ هل ستستطيع أن تسأل أين تذهب المقدرات السورية؟ هل تستطيع أن تقول لهم حاكموا اللصوص وهم ينتمون إلى النظام؟ هل سيحاكم رامي مخلوف بتهمة تجويع الشعب؟ هل سيحاكم هذا النظام ماهر الأسد لما اقترفه بحق الشعب السوري؟ هل سيحاكم بشار الأسد نفسه؟ أو على الأقل يخرج بخطاب جديد يعلن فيه أن هناك ثورة في بلده ولا يكتفي التلفزيون السوري بتغطية الاحتجاجات في إسرائيل وهنولولو؟ هل سيحاكم من أرهق اقتصاد الشعب وجوعه؟ هل سيحاكم من اعتقل وعذب السوريين الأحرار؟ وهل وهل وهل؟ كلها أسئلة لن تحصل على أية إجابة حقيقية عليها.. ولا أعرف عن أي إصلاحات حقيقية نتحدث!! وبصفتي مواطنة سورية لا أستطيع أن انتظر من هذا النظام أي إصلاح، والسؤال الأهم هو لماذا يصلح؟ حتى يصلح يجب أن يكون هناك ثورة تدعوه للإصلاح. نظامنا حتى الآن لا يرى في المتظاهرين سوى حفنة من عصابات لا أكثر ولا أقل، وبالتالي من المعيب بل من المستغرب أن ينصاع نظام كهذا لمطالب إصلاحات تفرضها عصابات.. عيب جدًا وليس منطقيا أبدًا. * هل تراهن المعارضة على موقف دولي مشابه لما حدث في ليبيا، وهل مقبول من جانب المعارضة التدخل العسكري سواء كان دوليًا أو إقليميًا؟ - قلة من المعارضة تنادي بالتدخل العسكري الأجنبي، وغالبًا ارتفع هذا الصوت عشية إعلان انهيار نظام القذافي، فقد رأى الكثيرون في هذه اللحظة أن هذا حبل نجاة.. لكن هذه الأصوات نفسها خفتت بعد حين.. غالبية المعارضة السورية، وأقصد تلك التي تخاف بشكل حقيقي على مصالح الشعب السوري، لا تدعم التدخل الأجنبي العسكري، ليس هناك أطروحات حتى الآن تشير إلى تدخل عسكري عربي، وبالتالي اعتقد من وجهة نظر شخصية أن الحل يكمن في جيشنا السوري الحر، وعبر دعمه بكل الوسائل وفتح الطريق أمام التطوع في صفوفه. * إلى متى يستمر الموقف الروسي الداعم لنظام الأسد، وهل تخلى موسكو عن دعمه يقود إلى سقوطه؟ - روسيا اليوم تبحث عن موقعها السياسي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وحلفاء الأمس لموسكو هم أمل تعقد عليه السياسة الروسية المتآكلة بعضًا من أمل كما أن الربيع العربي وتغيرات المنطقة أتت أسرع من قدرة أغلب الدول على التأقلم. * ما هي احتمالات نشوب حرب أهلية، وما حقيقة الانشقاقات في الجيش السوري؟ - يحاول النظام السوري كثيرًا اللعب بهذه الورقة، واستطاع أحيانًا إدارتها بذكاء، لكنه غالبًا ما يفعلها بغباء منقطع النظير؛ لأنه يتخبط ولا يعرف ماذا يفعل. هذا النظام يلعب على ورقة الطائفية، ويحاول إشغال الشعب بها، ويحاول أن يصورها بطريقة مستفحلة. شعبنا ليس طائفيا، وليس عنده استعداد ليكون، لكن النظام يلعب باستخفاف مستفيدًا أحيانًا من تخويف الأقليات وجعلها تشعر بأنه طوق نجاتها، هناك من يخاف وهناك من يعي اللعبة تمامًا. في النهاية عندما يصبح الحكم للشعب سيعرف الشعب كيف يطمئن بعضه، ولن تكون هناك حرب أهلية يهددنا بها النظام السوري طيلة الوقت، فالانشقاقات في صفوف الجيش تحدث طيلة الوقت وفي كل يوم، ولو كان أمر الانشقاق سهلًا لوجدنا أكثر من ثلثي الجيش على الأقل سينشق؛ لأن الجيش هو الشعب والشعب هو الجيش. ما يحدث هو أن القمع الذي يطال الإنسان السوري يصل وبقسوة إلى حتى من يشكون بنيته في الانشقاق، ليس سهلًا على اثنين الاتفاق على الانشقاق؛ لأن الشعب زرع مخابراته وصور كل منا عدوًا للآخر، وأيضًا فإن الجيش لا يستطيع الآن التمتع بأي إجازة، وبالتالي فإن معلوماته مقتصرة على ما يقدمه له النظام السوري من أخبار عن وجود عصابات تهدد أمن الوطن وتبتغي قتل الشعب. أغلب أفراد الجيش شبه منومين، لكن في اللحظة المناسبة سينتصر الجيش للشعب؛ لأنه منه وليس ابن السلطة، نعلم أن هناك انشقاقات كثيرة تحدث، ولكن كل من يريد أن ينشق يبدأ بالتفكير بمصير عائلته وأهله وأقاربه، فيتردد مرارًا وهو يرفع بندقيته باتجاه دمه الأغلى.