ها هي لُعْبة استحضار الفتاوي القديمة التي أُصْدِرت حول أمورٍ مُعيّنة، ثمّ إسقاطها على أمورٍ أخرى، تطلّ علينا من جديد !. آخر موديل لهذه اللُعْبة هو الإيميل الذي وزّعه بعضُ المجهولين على الآلاف من الناس، ومنهم أنا، وفيه استحضروا فتوى قديمة منسوبة إلى الشيخ عبدالعزيز بن باز، رحمه الله، حول عدم جواز دخول الرجال للأسواق التي يعلمون أنّ فيها نساء كاسيات عاريات، ومُختلِطَات مع الرجال اختلاطاً مُحرّماً، إلاّ للآمرين بالمعروف والناهين عن المُنكر، وإسقاطها بشكلٍ عام على أسواقنا!. أنا لم يتسنّ لي التأكّد من صحّة نسْب الفتوى للشيخ الفاضل، لكن على فرض صحّته، فإنّ المُتمعِّن في الفتوى سيرى أنها مشروطة بتحقّق علم الرجال بوجود النساء الكاسيات العاريات في الأسواق والمُختلِطات مع الرجال اختلاطاً مُحرّماً - لا عارضاً - وهذا العِلْم مستحيل التحقيق، إلاّ أن تكون أسواقنا أمكنةً معروفةً عنها بشكلٍ دائمٍ أنّ فيها اكتساء نسائي عاري واختلاط مُحرّم، يعني مثلها مثل كرنفالات البرازيل، أو فترينات بعض شوارع أمستردام، أو ملاهي لاس فيجاس!!، وفي هذا افتراءٌ على اسواقنا وعلى نسائنا، فسوادهنّ الأعظم مُحتشِمَات لا يُرى منهنّ سوى عباءاتهنّ الفضفاضة، وفي هذا كذلك ظلمٌ على الرجال، فكثيرٌ منهم لا يعلمون شيئاً عن الأسواق، لا خيرها ولا شرّها، فلِمَ هذا الإسقاط في غير محلّه؟! إنه يُثير بلبلةً في مجتمعنا الذي يُعاني أصلاً من كثرة المُفْتِين غير المُصرّح لهم!. أقل لكم؟ رغم اعتمادي على (بعلتي) العزيزة في التسوّق، لكني سأذهب للسوق اليوم، فمن يعترض من هؤلاء المجهولين يقابلني فيها، ثكلته أمّه!.