منذ أن وجه خادم الحرمين الشريفين بأن يكون يوم الاثنين الموافق الثاني والعشرين من رمضان الماضي يوما لانطلاقة الحملة الوطنية السعودية لإغاثة الشعب الصومالي في جميع مناطق المملكة لتقديم التبرعات من أجل تخفيف معاناة المنكوبين هناك، لم تتوقف جهود المملكة بهذا الصدد في شتى المناحي، بدءًا من مبادرة المملكة في تقديم دعم مالي بقيمة 60 مليون دولار، ثم جمع تبرعات الأهالي وزكواتهم، وحتى إقامة المشروعات الإغاثية والتنموية التي تعين الصوماليين على تجاوز حالة المجاعة التي اجتاحت قطاعات كبيرة منهم خلال الفترة الماضية. وقد لقيت الحملة التي أطلقها المليك ارتياحا رسميا وشعبيا في الصومال. حيث أشاد وزير العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية الصومالي الشيخ أحمد بيلي حسن بالحملة قائلا إنها دليل على القلب الكبير لخادم الحرمين الشريفين تجاه الشعب الصومالي، مقدما شكره إلى قيادة وشعب المملكة ووصفهم بالسباقين إلى الخير دائما تجاه إخوانهم المسلمين في كل بقاع العالم. تبرعات سخية ومنذ الأيام الأولى لانطلاق الحملة تجاوزت تبرعات السعوديين كل الأرقام المتوقعة من منظمات الإغاثة العاملة في الصومال، حيث بلغت رغم مدتها القصيرة نحو 204 مليون ريال سعودي نقدا، إضافة إلى مئات الأطنان من التمور والمواد الغذائية والإيوائية والطبية المتنوعة من جميع مناطق المملكة. وهو ما حدا بالمنظمات الإغاثية إلى رفع سقف توقعاتها بأن تتخطى الحملة حاجز ال500 مليون ريال سعودي، وهو ما اعتبروه مبلغا كافيا لتجاوز الصومال المرحلة الحرجة التي تمر بها، والانتقال إلى مرحلة إعادة الإعمار والتأهيل لقطع الطريق أمام تكرار المأساة. وحسب توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية المشرف العام على الحملة بأن تصل تلك التبرعات لمستحقيها في الصومال بأسرع وقت ممكن، وضعت المملكة خطة متكاملة لاستقبال هذه التبرعات وكيفية وصولها الى مستحقيها عبر مراحل تتمثل في المساعدات العاجلة وهي الإغاثة والطب والكساء والمعونات الغذائية، ومساعدات آجلة تتمثل في إقامة مستشفيات ومساكن مثلما حدث في سيرلانكا والتي أقيمت فيها مدينة الملك عبدالله للإسكان، وستقوم الحملة بإنشاء معاهد لتعليم المهارات لليتامى والأرامل والقاصرات وبالتعاون مع منظمات الأممالمتحدة العاملة في الصومال. جسر جوي أطلقت المملكة في نهايات شهر رمضان المنصرم أولى رحلات الجسر الجوي إلى الصومال، محملة ب20 طنا من المواد الغذائية والعينية التي قدمها المواطنون في الحملة الوطنية السعودية لإغاثة الشعب الصومالي. وأعدت الحملة خطة إغاثة عاجلة بدأت في التنسيق لتوزيع تلك المساعدات على المتضررين والأشد تضررا داخل الصومال، مع اتخاذ جميع الإجراءات المطلوبة لسرعة إيصالها للمستحقين. وقد تواصل الجسر الإغاثي من جدةوالرياض عبر 24 طائرة محملة بالمساعدات الاغاثية بواقع أربع رحلات يوميا اثنتان من جدة ومثلهما من الرياض. جسر بحري وحسب توجيه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، النائب الثانى لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية المشرف العام على الحملة السعودية لإغاثة الشعب الصومالى، أعلنت المملكة يوم الرابع من سبتمبر تسيير جسر بحري، إلى جانب الجوي، من ميناء جدة إلى العاصمة الصومالية مقديشو، لنقل المواد الغذائية والتبرعات العينية التى قدمها المواطنون للحملة الوطنية السعودية لإغاثة الشعب الصومالى. وقد أطلقت الحملة أول باخرة بحمولة 4 آلاف طن، وأعدت لها خطة عمل عاجلة بالتنسيق مع الجهات الإنسانية لتوزيع تلك المساعدات على المتضررين داخل الصومال، واتخاذ جميع الإجراءات المطلوبة لضمان وصولها وسرعة إيصالها عاجلًا، وذلك للتخفيف من معاناة الأشقاء فى الصومال. الندوة العالمية والجهود الشعبية وفي نفس الإطار قامت الندوة العالمية للشباب الإسلامي من جانبها بجهود حثيثة سعت من خلالها إلى تقديم حزمة من البرامج الإغاثية المتنوعة بهدف محاربة شبح المجاعة والجفاف الذي يعاني منه الشعب الصومالي الشقيق. حيث قامت الندوة في مطلع رمضان الماضي بتشكيل لجنة طوارئ لإغاثة الصومال، وذلك من خلال عدة خطوات بدأت بتكوين فريق عمل ميداني يقوم بتوزيع إغاثاتها على المتضررين من المجاعة، وتقديم مساعدات عاجلة لألف أسرة صومالية في منطقتي (باي) و(بكول) بجنوب البلاد، واللتين صنفتهما الأممالمتحدة من أسوأ مناطق المجاعة. وقال نائب المشرف العام على البرامج الخارجية، ورئيس اللجنة الدائمة للبرامج الإغاثية بالندوة العالمية للشباب الإسلامي بمنطقة مكةالمكرمة الدكتور محمد دماس الغامدي في تصريح ل«المدينة»: إن الندوة ما زالت تقدم عددا من الجهود الإغاثية المختلفة منذ مطلع شهر رمضان وحتى الآن، ويأتي ذلك العمل الإغاثي في الصومال ضمن الحملة الإغاثية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين، ونحن نشارك دائما بشكل فعال في عموم الحملات الإغاثية والتي تتبناها المملكة وتدعو إليها، مشيرا إلى أن عملهم في الصومال الآن يتم عبر تنسيق مع سفارات المملكة في جيبوتي وكينيا، أما في الصومال فتنسيقنا يكون مع منظمة التعاون الإسلامي. وحول ضمان وصول المساعدات الإغاثية للمتضررين والنازحين الصوماليين وعدم صرفها لأغراض أخرى قال الغامدي: هناك مكتب لمنظمة التعاون الإسلامي في الصومال قام بجمع المنظمات الإغاثية الإسلامية والمحلية داخل منظومة تنسيقية، بحيث تجتمع هذه المنظمات بشكل أسبوعي لتنسق المهام الميدانية فيما بينها حتى لا يحدث أي تكرار بينها. وعن آلية إيصال المساعدات قال: من خلال خبراتنا السابقة استطعنا إيصال المعونات في شكل قصير حيث يوجد لدينا 3 مكاتب موزعة في مقديشو وجيبوتي وكينيا لتنسيق المساعدات المقدمة للنازحين الصوماليين، ومعظم المساعدات تأتي بحرا عن طريق البواخر التي تغادر من ميناء جدة، والمحملة بالمواد الغذائية مثل الحبوب والدقيق والزيوت والتمر والأرز إضافة إلى بعض الإغاثات الطبية، مشيرا إلى أن رحلة الباخرة تستغرق ما يقارب من 10 إلى 15 يوما. سلات غذائية وإيصال المياه كما قام مكتب الندوة بمقديشو بتوزيع كسوة العيد على 500 طفل في مخيمات النازحين حيث يعاني معظم النازحين حالة من العري والأثواب الممزقة. وفي تلك الأثناء قام مكتب الندوة في جيبوتي بتوزيع 400 سلة غذائية على أهالي منطقة (دودا)، الواقعة على الحدود بين جيبوتي وشمال الصومال، إضافة إلى زيارة وفد طبي تابع للندوة إلى مراكز النازحين وتفقد أحوالهم وتقديم أدوية وعلاجات مجانية لهم حيث يتم الكشف يوميا على 100 نازح. وفي ظل تزايد عدد المتضررين من أسوأ موجة جفاف تجتاح الصومال منذ عشر سنوات، قامت الندوة بتوزيع المياه على مئات الأسر المتضررة من الجفاف والمجاعة في هذا البلد المنكوب، وخاصة في محافظة (باي) التي تُعد من أكثر المناطق تضررًا بالجفاف في البلاد. حيث تم نقل المياه إلى هذه المناطق بواسطة الصهاريج. وأرسلت الندوة من ميناء جدة الإسلامي 22 حاوية محملة بالمواد الغذائية إلى العاصمة الصومالية (مقديشو) عبر جمهورية جيبوتي، وذلك لتقديم إغاثة عاجلة إلى الشعب الصومالي الذي تطحنه المجاعة. كما وزعت الندوة كميات من المواد الغذائية على متضرري المجاعة في الصومال، استفاد منها 30.000 مواطن في كلٍّ من (مخيم حمر وينى) بمحافظة (بنادر)، و(مركز رعاية الأمومة والطفولة) التابع للندوة في العاصمة (مقديشو)، ومخيم (آل ياسر) بمحافظة (شبيلى السفلى) على بُعْد 50 كم من مقديشو. واشتملت المواد على أرز، ودقيق وسكر وزيت، تكفي لمدة 20 يومًا. يُشَار إلى أن محافظة (شبيلي السُفلى) كانت من أخصب المواقع في الصومال على الإطلاق، لما تتمتع به من أراضٍ زراعية ورعوية، إضافة إلى نهر شبيلى الذي يمر في وسطها، إلا أن عدم هطول الأمطار لأربعة مواسم متتالية حوّلها إلى منطقة جفاف وقحط، ونتج عن ذلك غور المياه وتيبس الأشجار، ونفوق المواشي أولًا، ثم موت الناس جوعًا. وكانت الندوة وزعت كميات من المواد الغذائية على النازحين الصوماليين بمخيمات اللاجئين في كل من جمهوريتي: جيبوتي وكينيا، استفاد منها نحو 10.000 نازح. 1000 وجبة مطبوخة يوميًا وواصلت الندوة جهودها في تقديم الإغاثة للصوماليين بتقديم آلاف الوجبات المطبوخة للأطفال والأمهات في مركزين للتغذية أنشأتهما حديثًا في العاصمة الصومالية (مقديشو)، يضم كل منهما عيادة طبية صغيرة تقدم العلاج المجاني للمحتاجين. وأوضح الدكتور سمير معبّر رئيس اللجنة الطارئة لمجاعة الصومال بالندوة والذي زار المنطقة أخيرًا، أن كل مركز يقدم يوميًا وجبتين مطبوختين ل500 طفل و500 أم من الأغذية التكميلية ذات القيمة الغذائية العالية. مضيفًا أن الأطفال والأمهات هم أشد الفئات تضررًا بالمجاعة التي تجتاح الصومال في الوقت الحالي، إذ تشير تقارير الأممالمتحدة إلى وفاة عشرات الآلاف من الأطفال بسبب الأمراض وسوء التغذية وعدم وجود عناية طبية. واختارت الندوة أكثر المناطق تضررًا بالجفاف والمجاعة لتنفيذ المشروع وهي: محافظات: (بنادر)، (شبيلى السفلى)، ومحافظة (باي) بجنوب الصومال. والجدير بالذكر أن للندوة مكتبًا في الصومال أنشئ منذ 13 عامًا، ويقوم بتنفيذ مشروعاتها الخيرية المخصصة لأبناء الشعب الصومالي، كبناء المدارس والمساجد وحفر الآبار وتنظيم الملتقيات الشبابية وكفالة الأيتام، وقد نفذ خلال هذا العام 150 بئرًا في أنحاء مختلفة بالصومال وشيّد 6 مساجد.