الفضاء الذي تمتلئ به الذات دون غيرها يعد نشازا لا ينتج معرفة ولا صدقا ذاك أن المرايا المشكلة لعوالمه لا ترى إلا ما يراه قيصرها مما يجعل الرؤيا تضيق حد الضيق فتصاب الخطا بالعمى والذائقة بالفساد وتصبح الصور المنعكسة منها فوضوية بل وهمجية في أحيان كثيرة خاصة عندما يتعلق الأمر بالحكم على الآخرين راو الحديث عنهم وعما أوجدوه لهم من صيت عملوا له وبنوه بصدق وطهارة حتى كان لهم ما كان ولا يزال لتأتي تلك الذات السوداء على عجل عقيم ساعية السعي المفلس محاولة التشكيك أو التهميش لصدى أولئك الذين وضعوا بصماتهم في مشهدنا الثقافي ولازالوا به حسا لا تختلف ذائقتان واعيتان على اكتماله وسحره بل إن ادعاء العظمة عند تلك الذات يصل إلى نفي تكون مشروع عظيم أو نص كبير غير ما تراه هي وتشير له بصولجانها بأنه الكامل الجدير بالاحتفاء كحال ثقافية بيضاء يمكن اعتبارها واحتسابها حراكا فعليا لا أشك البتة في نكوص هذه الذات عليه ذات يوم بعد حين من المزاجية المشكلة لأبجدياتها الجوفاء. وسيبقى التعالي الذي يمارسه بعض المحسوبين على الهوية الثقافية لنا ضد من شكلوا بنتاجهم الفكري كما معرفيا أصبح علامة فارقة في جبين المعرفة البشرية وأسهم بشكل لا يمكن غض الطرف عنه في بلورة الصورة الثقافية للمجتمع السعودي كأجمل ملامح بل وحمله للآخر المقر بما فيه من إبداع - خيانة عظمى يجب استتابة من أقدم عليها لا لشيء إلا لغاية هي أقبح من أن تذكر وليت الساعين لهذا يئدون بوعيهم القاصر أو بغيره هذا الهراء الذي جاء باغيا نسف مرحلة مهمة لأنها لا تتفق وتكوينه المعرفي الفذ الناص على ضرورة الانسلاخ من إرثنا الثقافي وتفكيكه لبناء خرائط أخرى توجد النص الكبير والمثقف العظيم وهذا لعمري عذر أقبح من ذنب فالعظمة المطلقة المتنزهة عن النقص لله عز وجل وبشرية البشر العظماء توجب أن يتشحوا النزر من النقص حتى يكونوا أهلا لارتداء عباءة العظمة الثقافية كما فعل الثبيتي والغذامي وغيرهما في مشهدنا الثقافي ولن تجد هذه الذات المنشقة عن أعماقها إلا السراب في نهاية سيرها فالمشهد الثقافي السعودي المعاصر حافل وغني بالرموز ذات العطاء المعرفي باختلاف مكوناته وتشكلاته وليست القضية في أطفال نراهم يتصرفون تصرفات خارقة فنكبر فيهم هذه الممارسة بل هي يقين يجب التسليم به والانتصار له لا وأده بمقصلة النرجسية العمياء و العاجزة عن مسايرة هذا الحراك الثقافي لتصل رغبتها الى جعله هامشا لا يمثل إرثا معرفيا يتقبله المركز. إن الاحتفاء بمشروعي الثبيتي والغذامي (مثلا) يعد فرض عين على كل مثقف لامس المنهجية العلمية لدلالة الثقافة وان اختلف بعضنا واتفق مع مضامين كل منهما فالمحصلة تبرهن على منطقية الفاعلية الدالة على ديمومة جريان الماء وري الخطى المعرفية للمشهد الثقافي الراهن عند الغالبية مع الاعتراف المسبق بوجود كم كبير من الذوات الواهمة والمحسوبة على المرحلة لكنها تأخذ في السقوط والتلاشي بشكل طبعي فهي لا تملك ما يؤهلها للسير وجدية المرحلة ومن القبح يا سادة أن ندعي الحب ونمارسه على شكل الاقصاء ليكون سيد الموقف وربه فواقعية رموزنا الثقافية تفرض نفي السرابية عنهم والصقيع المتحدث عنه ما هو إلا صدى يقبع في امتداد تلك الذات والرأي البصير بعقلانية للمشهد المعاصر يرفض تقبل فكرة الجمود لامتلائه بالأفعال الجادة الساعية لولادة مرحلة وتجربة جديدة كامتداد طبعي لما قبلها من تجارب أسهمت بصور عدة في إثراء المشهد فوجب عليها الدنو منها وإيجاد نتاج ثري لا ينفك عن الماضي ورموزه بل يستند إلى مفرداتهم وتصوراتهم مع الرؤية المغايرة للذات الناظرة لنصل بعد حين وكما نحن فيه الآن إلى الأديب المبرز والشاعر العظيم وكلاهما يمشي على الأرض فتكتمل الصورة وترسم الخرائط ويحتفى بصدق بالمبدع أيا كان ويندس الذي عجز عن فهم ذاته والمرحلة المعاصرة خلف أتانه. (*) عضو مجلس إدارة نادي الباحة الأدبي