عندما وضع القائد الموحد مؤسس هذا الكيان الشامخ أسس المسيرة السعودية قبل أكثر من ثمانية عقود راسمًا ملامح المستقبل لوطن شامخ وشعب ناهض، فإنه كان بإيمانه الراسخ وكفاحه المثابر وثقته العظيمة بالله ثم بنفسه وبشعبه يؤمن بأن هذا الحلم الكبير لابد وأن يتحقق على أرض الواقع بمشيئة الله وتوفيقه، وأنه لابد أن تكون ثمرته وحدة القلوب والأرض والمصير، وأن كلمة السر في الحفاظ على المسيرة لتسير نحو أهدافها الخيرة التي تنشد وحدة الوطن وصيانة أمنه ومكتسباته وحماية أرضه وميراثه وتراثه، وتوفير الرفاهية للمواطن، أن يتمسك بثوابته، وألاّ نتوقف قيادة وشعبًا عند ما حققناه من إنجازات بل نزيد عليها تطويرا يتفق مع قيمنا الإسلامية والأخلاقية في إطار من الشعور بالمسؤولية والأمانة تجاه ديننا ومصلحة وطننا وإنسانه، وألاّ نتوقف أيضًا عند عقبات العصر، بل نشد من عزائمنا صبرًا، وعملاً، وقبل ذلك توكلنا على الله - جل جلاله- لمواجهتها، وهو ما شكل المحور الأساس في خطاب خادم الحرمين الشريفين التاريخي أمام مجلس الشورى أمس الأول الذي أعرب فيه عن عزمه على مواصلة المسيرة السعودية في مرحلة التطوير الشامل والتحديث المتوازن المتفق مع قيمنا الإسلامية، في هذا العهد الرغيد بما في ذلك تحرير الاقتصاد وتعزيز دور المرأة في المشاركة في عملية التنمية والبناء وعدم تهميش هذا الدور، وهو ما تجلى في قراره السامي بمنحها حق الترشح والانتخاب بالمجالس البلدية والتعيين في مجلس الشورى بدءًا من الدورة القادمة، وضرورة الوقوف بصلابة ضد كافة العراقيل التي تقف في طريق تلك المسيرة بما في ذلك النعرة القبلية واللعب على أوتار الصراع المذهبي، وذلك كله في إطار التمسك بأسس العقيدة السمحة وبالوحدة الوطنية وتعزيز مضامينها وعدم السماح لأي من كان بتهديد تلك الوحدة، والعمل سويًا من أجل الحفاظ على استقلالية الوطن وسيادته. هذه الإضاءة الوافية لملامح المرحلة الجديدة التي يعيشها الوطن، تشكل في مجملها خريطة طريق لهذا المستقبل المشرق الذي تتحقق فيه تطلعات القيادة وطموحات المواطن، وهو ما يتطلب منا جميعًا التمسك بثوابتنا الوطنية، وعدم التخاذل في تحقيق أهدافنا الوطنية والتنموية .