لعلّ من أبرز مظاهر التفرّد في التجربة السعودية عبقرية صانع تلك التجربة، ومفجّر انطلاقتها الكبرى جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -يرحمه الله- الذي استطاع بفكره السديد، ومقومات شخصيته القيادية الفذّة، بناء الكيان والإنسان على أسس العقيدة السمحة على هذه الأرض الطيبة، التي اختصها الله بالقدسية، عندما شرّفها باحتضان الحرمين الشريفين، واختصها بالأمن والبركة، عندما أسبغ عليها أمنًا شاملاً، ورزقًا واسعًا، وحيث ظلت تلك المسيرة تحقق أهدافها على مر العهود من خلال الإنجازات التي ظلت تتواصل عهدًا بعد عهد، حتى وصلت إلى ذروتها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز-حفظه الله- من خلال تلك النهضة الشاملة التي نعيش في ظلالها، ونجني ثمارها في إطار وحدة وطنية أصبحت -ولله الحمد- أنموذجًا فريدًا فيما تتسم به من تقدير ولُحمة بين قادة هذه البلاد وشعبها الوفي. لا شك أن الوحدة التي تشكل مبدأ رئيس في الفكر الإستراتيجي السعودي، والتي تعبّر الوحدة الوطنية أهم مظاهرها باعتبارها القلعة الشامخة التي تقف في وجه أعداء الوطن الذين يتربصون به السوء، ويحاولون زعزعة أمنه، ونثر بذور الفتنة في أرضه الطيبة، هذه الوحدة تقدم أيضًا نموذجًا آخر لعبقرية التجربة السعودية التي أصبحت مضرب الأمثال، لأن الوحدة تعني في الفكر الإستراتيجي السعودي وحدة التراب، ووحدة الكيان، ووحدة الإنسان في إطار الوطن الواحد الذي يستظل براية التوحيد، وهو ما عبّر عنه المليك المفدّى في ترؤسه لمجلس الوزراء في اجتماعه الاثنين الماضي عندما تطرق إلى احتفاء البلاد بمناسبة الذكرى ال81 لليوم الوطني بقوله -رعاه الله-: إن الاحتفاء بهذا اليوم تذكير بعظم الإنجاز الذي تحقق -ولله الحمد والمنّة- على يدي مؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- وتابع مسيرته ونهجه من بعده أبناؤه الملوك: سعود، وفيصل، وخالد، وفهد -رحمهم الله جميعًا- ذلك الإنجاز الذي أسس على ثوابت عظيمة في مقدمتها التمسك بكتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتسخير الجهود، وتذليل جميع الصعاب، والأخذ بأسباب الرقي مع الحفاظ على القيم والثوابت لتحقيق النماء والتطور بجميع ربوع الوطن، وفي مختلف المجالات. وهو ما يتطلب من المواطن -الذي أولاه أبو متعب كل الثقة، والمحبة، والرعاية- التعبير عن تفاعله بهذه المناسبة العزيزة، والتعبير بأسلوب يعكس ما يتمتع به أبناء المملكة من قيم، وأخلاق فاضلة، وما وصلت إليه المملكة من تقدم في مختلف المجالات التنموية، وما وصل إليه أبناؤها من مستوى حضاري وفكري مميّزين.