رغم تعهدات الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي المتكررة بالبقاء في ليبيا حتى الموت فإن التسلل سرا إلى دولة النيجر الواقعة جنوب البلاد خيار واضح متاح أمامه. وهناك عدة طرق لقطع الصحراء من ليبيا إلى النيجر بطول الحدود الممتدة بينهما لمسافة تزيد على ألف كيلومتر من الارض المقفرة المسطحة والكثبان الرملية وسلاسل الجبال وصولا إلى بلدة أجاديز الحدودية الرئيسية في النيجر. وقال إبراهيم محمد وهو دليل مخضرم للقوافل في الصحراء عبر الهاتف من نيامي عاصمة النيجر: إن الرحلة قد تستغرق ما بين يومين إلى ثلاثة أيام، وأضاف محمد أنه يرشد قوافل في هذه الصحراء منذ أكثر من عشرين عاما راجلا وعلى ظهور الخيول والجمال وفي شاحنات. وقال وزير العدل في النيجر مارو أحمد يوم الاربعاء: إن حدود النيجر الواقعة في منطقة الساحل خطرة وإنه يمكن ان يكون عدد من الاشخاص ومنهم مقربون من نظام القذافي دخلوا النيجر أو في طريقهم إليها. وجاءت تصريحات أحمد بعد تقارير أفادت بأن قافلة ليبية من نحو 200 سيارة عبرت الحدود الليبية مع النيجر. وقال أحمد: إن التقارير مبالغ فيها وإن عددا قليلا من السيارات دخل النيجر عبر الحدود ولم يكن القذافي في أي منها. وذكرت مصادر أمنية في النيجر وفرنسا أن القافلة التي ضمت قائد كتائب القذافي وصلت إلى موقع شمالي بلدة ارليت التي تشتغل بالتعدين وأن قوات أمن في النيجر رافقتها، وإذا كانت القافلة قد وصلت إلى ارليت فيحتمل أنها سلكت الطريق الجنوب الغربي من الحدود الليبية. وقال محمد: إن العبور من مسلك سالفادور باس الجبلي على الحدود الليبية إلى بلدة أدرار بوس القريبة من سلسلة جبال إير محفوف بالمخاطر، وأضاف أن أخطر ما في الطريق هو عبور صحراء تافساست. وقال «إذا لم تكن عالما بالمنطقة سيكون السير فيها خطيرا جدا فهي منطقة مسطحة ولا يوجد بها ظل ولا أشجار لأميال وأميال ويمكن أن تضل الطريق بسهولة فيها. ويمكن أن يظل السائرون فيها يدورون في حلقات. مات الكثيرون هناك.» وقال: «أنت بحاجة للكثير من المياه والطحين (الدقيق) والبنزين والمنطق السليم. أنت بحاجة للمنطق السليم وإلا ستجد نفسك بسهولة تائها في الرمال.» وأضاف أن الفترة بين 11 صباحا و2 بعد الظهر هي الاخطر لعبور الصحراء لان أشعة الشمس تكون عمودية في وقت الزوال وقد ترتفع درجات الحرارة إلى قرابة 50 درجة مئوية، وقال «قضيت يوما في درجة حرارة 44 درجة مئوية في الظل .. إنه خطير للغاية.» وأوضح أنه لا توجد طرق رئيسية والارض مسطحة للغاية وتؤدي مسارات كثيرة إلى اتجاهات مختلفة. واستطرد انه مع وجود دليل جيد في الصحراء وعدد من سيارات الدفع الرباعي في حالة جيدة فإن العبور من مسلك سالفادور باس والسير بالقرب من الحدود الجزائرية وصولا إلى أدرار بوس في الجزء الشمالي الغربي من النيجر هو الطريق الاسهل والاكثر سرية للعبور. ويمكن بسهولة التسلل إلى سلسلة جبال إير والاختباء أو استكمال الرحلة إلى اجاديز بعد الوصول إلى أدرار بوس وهي منطقة تهطل فيها الامطار مرة أو مرتين في العام. وقال محمد «يمكنك البقاء في جبال إير وفعل ما تريد وسيكون من الصعب على أي شخص العثور عليك. والبلدة أو القرية الوحيدة القريبة هي افروان التي تقع على بعد حوالى 50 كيلومترا عن ارليت.» وأضاف: «بالنسبة لشخص هارب ويحتاج إلى أن يبقى متخفيا فإن الطريق الامثل للوصول إلى اجاديز هو العبور من جبال إير. هناك قوافل وبدو وهناك حياة في الجبال وأناس يتحركون لكن لا يسأل أحدهم عن شيء.» وأوضح محمد أن هناك طريقين آخرين معروفين يسلكهما المسافرون حيث يمكن العبور من هضبة داجدو أو عبر بلدة ماداما جنوب شرقي الحدود الليبية بالقرب من دولة تشاد المجاورة. ويؤدي الطريقان إلى بلدة ديركو ثم يمضي جنوبا إلى بلدة بيلما وهي واحة تؤدي إلى اجاديز عبر الكثبان الرملية.