على تواضع المنتجات الدرامية العربية إجمالًا في رمضان العظيم يبقى أكثر المسلسلات الرمضانية متابعة وإشادة مسلسل «فرصة ثانية» للكاتبة القطرية الجميلة وداد الكواري، التي قدمت عددًا جيدًا من المسلسلات التي حظيت بنجاحات خليجية مميزة، وحيث تسوق قناة mbc للمسلسل بإشادة الفنانة القديرة سعاد عبدالله بالعمل على أنه من أفضل أدوارها التي قدمتها مطلقًا، فهذا يُدلِّل على أن الحضور الاحترافي لفنانين بحجم سعاد وعبدالعزيز جاسم دعم حظوظ المسلسل في الذائقة الخليجية ورتق بعض الثغرات، فيما بقيت ثغرات أخرى في الحبكة الدرامية ورسم الشخصيات تشوه جماله واتسعت أكثر في الحلقة الأخيرة التي لم تنجح حفلات الأعراس العديدة في الختام في إخفاء الإحباط الفني بسبب السذاجة في المعالجة العربية العريقة (بختامها يتزوج الأبطال) التي ختم بها المسلسل بعد حشد للألم الإنساني جراء سطوة المادة واستعار الأحقاد والنكران والجحود والسرقات والخيانات لتنتهي جميع المشكلات وتحل جميع العقد بالزواج، فعلى كثرة أبطال وبطلات المسلسل إلا أن وداد اختارت للمعالجة الدرامية أن تزوج (الكل كليلة) وإن لزم الأمر للتعدد مثنى وثلاث، المهم ألا يبقى أحد في نهاية المسلسل (عزابيا) فبدا المسلسل كعرس جماعي يتم على دفعات، رغم أن قضية المسلسل ليست الزواج إلا أن يكون الزواج هو الفرصة الثانية التي عنتها المؤلفة، ورغم أن الحلقات طيلة الشهر الكريم كانت تركز على هموم أعمق من تطليق العزوبية، وبعض العقد والسمات الشخصية لبعض العناصر ظلت الحلقات توثقها وتعززها دون أن تفككها بسير أحداث مقنع لتجد نفسها على مشارف العيد والجمهور يريد أن يفرح فتنسلخ الشخصيات من صفاتها المتأصلة طيلة ثلاثين يوما من عقدها وتلبس ثياب العرس لتزف برومانسية ونقاء لا يبررهما إلا العيد السعيد، ومن أمثلة الورطة الفنية التي وقع فيها سياق الحدث زواج الأب من أرملة العم لمجرد أن يكون من حقها أن ترثه لتضمن مستقبل ابنها الصغير ورضي البنات والزوجات بالضرة الجديدة في ذات الوقت تتضجر هذه الضرة علنا من زواج ابنها الكفيف من ابنة زوجها الغنية الجميلة المبصرة رغم انها زوجة ثانية له، وهكذا لا يفهم لماذا تتصرف بعض الشخصيات بتصرفات غير مبررة لكن ربما (زنقها) العيد، ولم يكن بالإمكان فك العقد في مسار تنازلي مقنع، وعلى كل (عليه سعيد ومبارك) فالمسلسل إجمالًا كان ممتعًا بتنوع شخصياته والعقدة الرئيسة فيه وأبطاله العمالقة وكاتبته المتألقة.