قضية إجهاض الجنين المشوّه من القضايا التي شغلت كثيراً من العلماء واختلفوا حولها بين مجيز ومانع خلال السنوات الماضية وفي هذه القضية يقول د. عبدالمعطي بيومي العميد الأسبق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية: إن هناك أسبابًا عديدة لتشوه الأجنة وإن كان كثير من هذه الأسباب يمكن تلافيه، والتوقي منه، أو التخفيف من آثاره، وقد حثّ الإسلام والطب على منع أسباب المرض، والتوقي منه، ما أمكن ذلك، وتعاليم الإسلام تحث على حفظ الصحة، وعلى حماية الجنين ووقايته من كثير من الأمراض التي سببها البعد عن تعاليم الإسلام، والوقوع في المعاصي كالزنا، وشرب الخمر، والتدخين، وتعاطي المخدرات، وكذلك جاء الطب الحديث ليحذر الأمهات من الخطر المحدق من تعاطي بعض العقاقير، أو التعرض للأشعة السينية، أو أشعة جاما وخاصة في الأيام الأولى من الحمل. ويضيف د. بيومي أنه لو ثبت تشوُّه الجنين بصورة دقيقة، قاطعة لا تقبل الشك، من خلال لجنة طبية موثوقة، وكان هذا التشوه غير قابل للعلاج حسب الإمكانيات البشرية المتاحة لأهل الاختصاص، فالراجح هو إباحة إسقاطه، نظرًا لما قد يلحقه من مشاق وصعوبات في حياته، وما يسببه لذويه من حرج، وللمجتمع من أعباء ومسؤوليات وتكاليف في رعايته والاعتناء به، ولعل هذه الاعتبارات وغيرها هي ما حدت بمجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الثانية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في بداية التسعينيات من القرن الماضي ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في فترة لاحقة له بإباحة إسقاط الجنين المشوّه، بعد موافقة الوالدين في الفترة الواقعة قبل مرور مائة وعشرين يومًا من بدء الحمل، أما إذا كان الجنين المشوّه قد نفخت فيه الروح وبلغت مائة وعشرين يومًا، فإنه لا يجوز إسقاطه مهما كان التشوّه، إلا إذا كان في بقاء الحمل خطر على حياة الأم، وذلك لأن الجنين بعد نفخ الروح أصبح نفسًا، أو كانت مصابة بشيء من ذلك، وسواء رجي شفاؤها مما أصابها، أم لم يرج، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى له في كل ما خلق حكم لا يعلمها كثير من الناس، وهو أعلم بما يصلح خلقه، مصداقاً لقوله تعالى»ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير». ويشير إلى أنه في ولادة هؤلاء المشوهين عظة للمعافين، وفيه معرفة لقدرة الله عز وجل حيث يرى خلقه مظاهر قدرته، وعجائب صنعه سبحانه، كما أن قتلهم وإجهاضهم نظرة مادية صرفة لم تعر الأمور الدينية والمعنية لربه وصبره عليها احتسابا منه للأجر الكبير، والتشوهات الخلقية قدر أراده الله لبعض عباده، فمن صبر فقد ظفر، وهي أمور تحث وحدثت على مر التاريخ، ومن المؤسف أن الدراسات تدل على أن نسبة الإصابة بالتشوهات الخلقية في ازدياد وذلك نتيجة تلوث البيئة، وكثرة الإشعاعات الضارة التي أخذت تنتشر في الأجواء، والتي لم تكن معروفة من قبل ومن رحمة الله بالناس أنه جعل مصير العديد من الأجنة المشوهة إلى الإجهاض والموت قبل الولادة. وعلى المرأة المسلمة، وعلى الأسرة المسلمة أن تصبر على ما أصابها وأن تحتسب ذلك عند الله.