سفر المرأة بدون محرم من القضايا التي تثير الجدل على الساحة الإسلامية من وقت لآخر وقد رصد د. أحمد محمود كريمة أستاذ أصول الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر جوانب هذه القضية في الفقه الإسلامي بقوله:إن سفر المرأة من غير محرم له حالات:الحالة الأولى: أن تسافر من بلد لا تستطيع فيه إظهار دينها الواجب وما إليه، فهذه الحال لا يُشْتَرط للمرأة فيها محرم اتفاقًا، قال ابن الملقن رحمه الله في: «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام»: «أما سفر الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام فاتفق العلماء على وجوبه، وإن لم يكن معها أحد من محارمها»أ.ه. وقال أبو العباس القرطبي رحمه الله في: «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم»: «اتُّفِق على أنه يجب عليها أي: المرأة أن تسافر مع غير ذي محرم إذا خافت على دينها ونفسها، وتهاجر من دار الكفر كذلك» وذلك «لأن القيام بأمر الدين واجب، والهجرة من ضرورة الواجب، وما لا يتم الواجب إلا به واجب»، ويضيف أن الحالة الثانية: أن تسافر المرأة للحج الواجب فهذه الحال مُخْتَلف في اشتراط المحرمية لها على قولين مشهورين أولهما: أن المحرم شرط فيها وممن ذهب إلى هذا: إبراهيم النخعي، والحسن البصري، وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق وأبو ثور قاله ابن عبدالبر رحمه الله في: «التمهيد»:. وقال أبو العباس في: «المفهم»: «وقد رُوي ذلك عن النخعي والحسن، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحاب الرأي، وفقهاء أصحاب الحديث». وقال العيني رحمه الله في: «عمدة القاري شرح صحيح البخاري»: «وبه قال النخعي والحسن البصري والثوري والأعمش». إلا أن أبا حنيفة جعل ذلك شرطًا في السفر الطويل كما في: «بدائع الصنائع» و»حاشية ابن عابدين»، وقال ابن الملقن في «الإعلام» واشترط أبو حنيفة المحرم لوجوب الحج عليها أي: المرأة إلا أن يكون بينها وبين مكة دون ثلاثة مراحل» وبِشَرط أبي حنيفة قال جماعة. قال ابن عبدالبر رحمه الله في «التمهيد»: «هذا قول الثوري وأبي حنيفة وأصحابه، وهو قول ابن مسعود». وجعله البدر العيني رحمه الله قول: النخعي والحسن البصري والأعمش ويشير د. كريمة إلى أن القول الثاني هو أن المحرم ليس بشرط فيها قال أبو العباس في «المفهم»: «وذهب عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والأوزاعي ومالك والشافعي إلى أن ذلك ليس بشرط، ورُوي مثله عن عائشة رضي الله عنها» وقال ابن الملقن في: «الإعلام» « فالمشهور من مذهب الشافعي أنه لا يُشترط المحرم...وبه قال عطاء وسعيد ابن جبير وابن سيرين، ومالك والأوزاعي»،والمختار عدم اشتراط المَحْرَميَّة في ذلك، وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قال ابن مفلح رحمه الله في: «الفروع» وعند شيخ الإسلام ابن تيمية تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم. وقال: إن هذا مُتوجِّه في كل سفر طاعة، كذلك قال مالك والأوزاعي والشافعي: تخرج المرأة في حجة الفريضة مع جماعة النساء في رفقة مأمونة، وإن لم يكن معها محرم. وجمهور العلماء على جواز ذلك، وكان ابن عمر يحج معه نسوة من جيرانه. وهو قول عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والحسن البصري. وقال الحسن: المسلم مَحْرَم أي: الصالح التقي كالمحرم الحقيقي في كونه مأمونًا على المرأة، ولعل بعض من ليس بمحرم أوثق من المحرم «،ويدل على صحة ذلك شيئان: أولهما: ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف عن أبيه عن جده أنه قال: « أَذِن عمر رضي الله عنه لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في آخر حَجّة حَجَّها، فبعث معهن عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف». وفيه «اتفاق عمر وعثمان وعبدالرحمن بن عوف.