أشار علي الأخ الأستاذ الصديق ساري الزهراني بأن أكتب عن طرائف رمضانية يهش لها القارئ فقلت: حباً وكرامة وعدتُ بذاكراتي إلى طرائف ونكات رمضانية قديمة وحديثة منها: أن ابن الزبير سُئل عن الفرج بعد الشدة فقال: هو أن تدعو الضيف في بيتك فيقول إني صائم، وبشروا أعرابي بدخول شهر رمضان فقال: والله لأشتتن شمله بالأسفار وقصده يسافر ويفطر، ونظر الأعرابي إلى القمر وقد استدار في رمضان فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل كلما سمن هذا القمر أضعف جسمي قصده كلما طال الشهر ضعف من الصيام، وقالوا لشيخ كبير عامي: ألا تصوم صيام النافلة؟ قال وما هي النافلة؟ قالوا: تصوم صيام تطوع لا فريضة، قال: يكفيني رمضان ما يخرج حتى تخرج روحي معه، وحدثني أحد الكبار في السن أنه كان عندهم في البادية رجل بغنمه وابتعد عن منازلهم أياماً يرعى الغنم ولم يسمع بدخول شهر رمضان فأفطر ثلاثة أيام فلقيه ابنه وقال: يا أبتي صام الناس من ثلاثة أيام قال الأب دعنا من هذا ليت الشهر قارب النهاية لكن أخبرني عن الأغنام عندكم الحوامل هل ولد منها شيء؟ وفي منطقة من المناطق كان يحدثنا أحد الأعيان قال: كنا في قرية قديمة ومعنا رجل يسكن في غرفة مع ابنته وقد ماتت زوجته ومن التعب نام هو وابنته حتى طلع الفجر في رمضان ولم يدركا السحور فقام عجلاً وهو جائع وأيقظ ابنته وقال: انظري هل طلع الفجر؟ فنظرت وقالت: طلع وأسفرت الأرض كضوء الصباح قال: أغلقي الباب وأغلق النوافذ وقام وصنع السحور وتسحر وابنته وأكمل صيامه، وذكر ابن الجوزي أن رجلاً كان عنده حمار وكان هذا الرجل عامياً أحمق فمرض حماره وليس معه إلا هو فنذر لله نذراً إن شافى الله حماره أن يصوم سبعة أيام فلما تشافى الحمار صام سبعة فلما انتهى منها مات الحمار فقال الأحمق: والله لأحتسبنّها من رمضان فلما قدم رمضان صام ثلاثة وعشرين يوماً وأفطر سبعة وقال: هذه بتلك سواء بسواء، وسأل شاب الحسن البصري فقال يا أبا سعيد: نسيتُ وأنا صائم فأكلت خبزاً ثم دخلت على الوالدة فنسيت أني صائم فشربت لبناً عندها ثم ذهبت إلى السوق ونسيت أني صائم فأكلت من زبيب الطائف فتبسم الحسن وقال: يا بني أنت ما عودت نفسك على الصيام، وفي إحدى القرى قام إمام المسجد يبشر الناس بالعيد ويخبرهم أن الدولة أعلنت أن العيد غداً وقد صاموا تسعة وعشرين يوماً فقام أحد العوام في المسجد وقال: الله يأييد الدولة وينصرها ما هي بأول عطاياها وخيرها علينا كثير؛ لأنها في نظره أراحته من صيام يوم ثلاثين، وفي البصرة خرج الناس يتراءون الهلال ومعهم شيخ كبير فأقسم بالله أنه رأى هلالين، فقال الناس: هذا لا يكون أبداً وأخذ هو يقسم بالله فأخبروا قاضي البلد فأحضر الشيخ ونظر في حاجبيه فإذا شعرتان متدليتان فوق عينه فأمر بقصهما ثم أمره أن ينظر هل يرى الهلال؟ فنظر فقال: والله لا أرى ولو هلالاً واحداً، وفي منطقة نائية حدثني أحد أفراد قبيلة من القبائل قال: ذهب منا رجل وهو صائم في رمضان يرعى غنمه فاشتد عليه الحر كثيراً وأهلكه الظمأ ومر بغدير ماء باردٍ عذبٍ صافي فتحرج أن يشرب وهو صائم ولم تطاوعه نفسه أن يترك الماء ويذهب فاحتال في نظره وكان في وسطه خنجر فأخذ سلة الخنجر ورمى بها في الماء فلما غاصت خلع ثيابه ورمى بنفسه في الغدير يلاحق الخنجر فلما غاص وأصبح في قعر الغدير شرب حتى روي ثم خرج من الماء والخنجر في يده وأشار إلى جهة قبيلته يخاطبهم ويقول: هل تظنون أني ما أعرف حيل الرجال؟ وفي أيام الجهل وانقطاع العلم دخل رمضان على أهل قرية في شدة الحر فقام أحد العامة الجهلة بالدين وقال لجماعته: اختاروا ثلاثين منا يصوم كلٌ منهم يوماً واحداً وريحونا من هذا الشهر، وكان أحد الشباب يدرس في الجامعة فيدعو زملاؤه إلى بيت والدته وهو وحيدها وليس لها ولد غيره فكانت تجمع له السمن من بقرتها وتربي له الدجاج وتصنع الإفطار فإذا أفطر زملاؤه وقضوا على الطعام تماماً قالوا: أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة وهو دعاء صحيح ثابت وكانوا يرفعون أصواتهم لتسمع والدته من باب شكرها فصبرت أياماً فلما جاء يوم وقد نفد صبرها وانتهى طعامها وهم يقولون: أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار فصاحت مغضبة الأبرار في بيوتهم ما أكل طعامنا إلا أنتم حسبنا الله عليكم.