ثمة قاسم مشترك بين واشنطن وتل أبيب في التخوّف من إصرار الجانب الفلسطيني على الذهاب إلى الأممالمتحدة، ليس فقط لأن اعترافًا دوليًّا بدولة فلسطينية يعني تلقائيًّا اعترافًا بالمرجعيات القانونية التي ستقوم تلك الدولة على أساسها، بما في ذلك قرارات الأممالمتحدة 194 و181 و242 و388، وإنّما أيضًا التخوّف من العزلة الدولية التي يمكن أن تلحق بإسرائيل والولايات المتحدة نتيجة عدم احترامهما لأسس ومبادئ القانون الدولي، وقرارات الأممالمتحدة، وهو ما يتمثل بشكل خاص في عدم تنفيذ إسرائيل حتى الآن لتلك القرارات، وفي استخدام واشنطن لحق الفيتو في مجلس الأمن ضد الحقوق الفلسطينية التي تنص عليها تلك القرارات، وفي مقدمتها الحق في إقامة الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، إلى جانب أن استخدام إدارة أوباما للفيتو هذه المرة من شأنه أن يقدم دليلاً جديدًا على تمسك واشنطن بسياسة ازدواجية المعايير، وبما يهز المصداقية الأخلاقية لهذه الإدارة التي حاولت إفهام العالم العربي، والعالم كله أنها إدارة مختلفة عن الإدارات السابقة، فيما يتعلّق باحترامها لحقوق الإنسان، ومبادىء الحرية والعدل والديمقراطية حول العالم، الأمر الذي يضع تلك الإدارة في موقف لا تُحسد عليه، وهي تلك الإدارة التي سبق وأن نادت في مايو الماضي بضرورة إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 67، وتحدثت مرارًا عن ضرورة وقف إسرائيل لأنشطتها الاستيطانية. ما كشفته صحيفة هآرتس أمس من استعداد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الموافق على قيام دولة فلسطينية تتبع ما يقرب من معالم خطوط وقف إطلاق النار بين إسرائيل والضفة الغربية عام 67، وما نشرته صحيفة «معاريف» حول إحباط لقاء سري بين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس لاستئناف المفاوضات، يثبت عدم جدية إسرائيل في توجهاتها نحو السلام، ويؤكد من جديد على أن هذا التحرك الإسرائيلي الجديد يهدف بشكل أساس إلى تضليل الرأي العام العالمي، ومحاولة خداع الفلسطينيين لإثنائهم عن التوجه للأمم المتحدة، وهو ما ينبغي للفلسطينيين الانتباه إليه، وإلى خطورة المرحلة الراهنة التي تشهد معركة فلسطينية - إسرائيلية من نوع آخر، لا تحتمل من الفلسطينيين خيارًا غير خيار الانتصار.