في ظل التحدي الذي جلبته شبكة الإنترنت وتقنية المعلومات ومع ظهور الأجيال الجديدة التي لا تقبل على الصحف التقليدية المطبوعة أوصلنا إلى ما يعرف بالصحف الالكترونية المقروءة، التي فرضت نفسها على الساحة الإعلامية كمنافس قوي للصحافة الورقية بسبب نقلها للنص والصورة معا والاحتفاظ بالزائر اكبر قدر ممكن، حيث السرعة في معرفة الأخبار ورصدها لحظة بلحظة. و بالرغم من أن الوسيلتين لاغنى عنهما في الوقت الحالي باعتبارهما من وسائل التثقيف، ومع ما تواجهه الصحف الالكترونية المحلية من تحديات وتواضع في أعداد مستخدمي الانترنت اذا استثنينا فئة الشباب، الا أن إن تطور العلوم والتقنيات ألقت على عاتق الصحافيين مهام جديدة ومسؤوليات كبيرة لإرضاء القارئ الذي لم يعد يقتنع في ظل هذا التدفق الهائل للمعلومات عبر شبكة الانترنت بما كان يقتنع به قبل سنوات. ويزداد دور الصحف الإلكترونية المقروءة ودورها الإعلامي لتبرز مخاوف على مستقبل الصحف الورقية وتهميشها. والاسئلة المطروحة والمتداولة بين القراء: هل يكون للصحف الإلكترونية صرح ثقافي وصحافي تقف من خلاله في وجه الصحف الورقية و تحل محلها؟ ، هل بإمكان الصحف الإلكترونية أن تشارك في قيادة الرأي العام وهو ما انفردت به الورقية منها على مدى قرون؟ ، هل فقدت الصحف الورقية بريقها وسحرها أمام غزو الإلكترونية وإغراءاتها ممثلة بما تقدمه من سهولة وسرعة وتوفرها في متناول الجميع في ظل الانتشار السريع لشبكة الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات وأدواتها المستخدمة؟. يؤكد عدد من المهتمين والصحافيين العاملين في صحيفتي «المدينة والبلاد» - من خلال لقائي بهم - دور الصحف الالكترونية وما وصلت اليه من تطور وما أحدثته من قفزات نوعية في مجال الإعلام، مستغلة في ذلك التطور المتسارع الذي يشهده عالم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حسب تعبيرهم، وما وفرته الشبكة العنكبوتية من سبل سهلة ومرونة كبيرة في الحصول على الخبر ومتابعة الحدث أولا بأول ليصبح العالم وكأنه قرية صغيرة. كما أن الصحف الالكترونية اليوم أكثر فاعلية ومرونة في تناول وتغطية الأحداث وعلى مدار الساعة وبتكلفة أقل، وأفضل بكثير من الصحف الورقية في مواكبة التطورات والمستجدات بما يلبي رغبات القراء. وبين هذا وذاك ثمة من يرى أن الصحف الالكترونية انما هي نتاج حديث أو مرحلة متطورة من مراحل التطور المستمر للصحافة بشكل عام، شأنها في ذلك شأن ما تمر به كثير من العلوم وكذا الصناعات من أطوار ومراحل في التطوير والتحديث، ومن المبكر جداً الحكم على الصحف الالكترونية ومدى تأثيرها على مستقبل الصحف الورقية التي ماتزال إلى اليوم سيدة الموقف. كما أن وضع الصحافة الالكترونية على الصعيد الوطني مختلف الى حد ما، حيث إن انتشار أمية الحاسوب والانترنت ترجح كفة استمرار الصحافة التقليدية الورقية إلى أجل غير مسمى. والمقارنة بين الصحف الالكترونية والورقية أشبه ما تكون بالمقارنة بين الكتاب العادي والكتاب الالكتروني ولكل منهما مؤيدون ومعارضون وثمة محايدون، وان كليهما «الالكترونية والورقية» ستؤديان دورهما ووظيفتهما ولن تعدم إحداهما جمهور الأخرى، الذي يتفاوت من بلد إلى آخر بناء على مستوى التنمية والتقنية المتاحة. ان الصحف الالكترونية ونظيرتها الورقية وجهان لعملة واحدة، والسواد الأعظم من المواقع الصحفية الالكترونية تتبع الصحف المطبوعة وتعكس محتواها ومضمونها وكذا سياستها ورؤيتها الخاصة. ومهما يكن فإن أطرافا أخرى تشدد على أن ثمة ملامح متعددة لتباين قائم بين الوسيلتين الصحفيتين من نواح عدة، بدءا بشريحة الجمهور وقوة التأثير وامكانية التصفح، وصولا الى تأثر كل منهما حاضرا ومستقبلا بهذه العوامل والفروقات. من هذا المنطلق فإن التحديات التي تواجهها الصحافة الالكترونية هي تحديات مادية ومهنية، ويتمثل التحدي المادي في ضعف الموارد المادية لبعض المؤسسات الصحفية، حيث أن القطاعين الحكومي والخاص لم يؤمنا بعد بإمكانية الإعلان على الصحف الالكترونية وإن فعلت بعض الجهات فإنها تدفع مبالغ ضئيلة لإعلانات تظل فترة طويلة في الموقع الالكتروني وقد تؤثر على تصفح الموقع. وإذا ما تمت مقارنة بين قيمة الإعلان في أي موقع لمدة عام في الموقع الإخباري للصحيفة الالكترونية، فإن نفس المعلن يمكنه أن يدفع نفس المبلغ مقابل إعلان صفحة واحدة ملونة ولمدة يوم واحد فقط في الصحيفة الورقية. وأخيرا فأن الصحف الالكترونية المقروءة بالاجهزة الحديثة «كالايباد» أضحت من أشد منافسي الصحف الورقية المطبوعة ومكملة لها وليس هناك صراع بينهما، كما ان ثقافة الانترنت وقراءة الصحف الالكترونية اصبح لها جماهيرها وشعبيتها وزيادة في عدد زوارها. د.ياسر عبدالعزيز حادي-جدة