لا شك أن تغاضي المجتمع الدولي عن محاسبة إسرائيل على جرائمها وانتهاكاتها المتواصلة للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية وللمواثيق والأعراف والاتفاقيات الدولية وفي مقدمتها اتفاقية جنيف الرابعة يشجعها على ارتكاب المزيد من تلك الانتهاكات، وليس أدل على ذلك من تنفيذ البحرية الإسرائيلية تهديداتها أمس الأول بقيامها بعملية قرصنة جديدة بحق «سفينة الكرامة» الفرنسية بعد نحو عام من عملية القرصنة التي نفذتها ضد السفينة التركية مافي مرمرة ، بالرغم من أن كلا السفينتين لم يكن على متنهما أي أسلحة وبالرغم من أن غالبية المتعاطفين اللتين أقلتهما هم من جنسيات أوروبية وأمريكية، وحيث كان هدفهم الأساس كسر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة ظلمًا وعدوانًا وحمل مواد غذائية وإغاثية ولعب أطفال لأهالي القطاع. يمكن الاستدلال على تباطؤ المجتمع الدولي وتوانيه عن وضع حد لهذه المهزلة بأن التقرير المناط بالأممالمتحدة مسؤولية إعداده حول جريمة القرصنة الأولى والخاص بالمذبحة التي نفذتها إسرائيل ضد أسطول الحرية-1 لم يصدر حتى الآن، وحيث كان محتملاً تكرار سيناريو مذبحة السفينة مافي مرمرة فيما لو أبدى ركاب سفينة الكرامة أدنى ممانعة للأوامر الإسرائيلية، وهو أمر لا يزال محتملاً مع اقتراب وصول المزيد من سفن أسطول الحرية – 2، طالما ظلت إسرائيل تعتقد أن هذا النوع من القرصنة البحرية هو حق من حقوقها، وأن حصارها للقطاع يعتبر شرعيًا في نظر القانون الدولي، وطالما بقى المجتمع الدولي يلوذ بالصمت أمام تلك الممارسات الشائنة التي لا تتوقف عن ارتكابها دونما أي اكتراث من أي محاسبة أو معاقبة، أو أي ردود فعل دولية. ولعل أبسط مثال على تحدي إسرائيل للمجتمع الدولي واستخفافها بالقانون الدولي تزامن قيامها بهذه القرصنة البحرية الجديدة مع إعلانها عن خطط لبناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية وتجدد تهديداتها بشن عدوان جديد على قطاع غزة في محاولة استباقية لإجهاض التحرك الفلسطيني السياسي المرتقب في الأممالمتحدة في سبتمبر المقبل لنيل اعتراف الأممالمتحدة بدولة فلسطين على حدود 67 بعاصمتها القدس الشريف. صمت المجتمع الدولي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للقانون الدولي هو في المحصلة وصمة عار على جبين الإنسانية.