حوار جميل أجراه ملحق الرسالة (المدينة 3 يونيو) مع شيخ الأزهر تناول قضايا مفصلية مهمة، منها موقفه من الحوار مع الفاتيكان، وموقف الأزهر من السياسة، ومن دعم قضايا العرب الكبرى، وهيئة كبار العلماء التي جُمدت في العهد البائد. وفي ثنايا الحوار اعتراف واضح بتراجع دور الأزهر وانحسار مكانته على مستوى العالمين العربي والإسلامي. يقول الشيخ الدكتور/ أحمد الطيب: (هناك خطوات جادة تم اتخاذها بالفعل لإصلاح الأزهر، فقد قمنا بتشكيل عدة لجان متخصصة للعمل على تحقيق هذا الهدف في مقدمتها لجنة قانونية متخصصة لمراجعة قانون 103 لسنة 1961م). لاحظوا أولاً ان القانون المشار إليه عمره 50 سنة، ومع هذه التغيرات المتسارعة على مستوى مصر والعالم كان ولا بد من مراجعة دقيقة تواكب المستجدات وهي بالجملة، على مدار الساعة، فلماذا الجمود طويلاً والنوم عميقاً عن التحسين والتطوير والمراجعة. الجواب كامن في النظام السياسي نفسه، فقد كان مهيمنا على الصغيرة والكبيرة، ومسيطرا على كل المؤسسات الرسمية بما فيه الدينية والفكرية، فصبغها بالصبغة نفسها، ولن تجد لصبغة المتكلسين تبديلاً إلا برحيلهم إلى الأبد. أما المثير المهم هنا، فهو الهدف الأسمى الذي يسعى إليه الأزهر من خلال مراجعة الأنظمة والقوانين التي تحكمه، إذ يقول شيخه: (ومن المتوقع أن يتضمن التغيير أو التعديل منطلقات قانونية جديدة تحقق للأزهر استقلاله، وتكفل تطوير مؤسساته، وتضمن نزاهة اختيار شيخ الأزهر بالطريقة التي ترتضيها هيئة كبار العلماء). إذاً استقلالية الأزهر هدف منشود يخدم القضية الأهم، وهي انفكاك القرار الشرعي أو الديني عن إطار المؤسسة السياسية الرسمية، وعدم الارتباط برغباتها واشتراطاتها. ولن يحتاج المراقب لعظيم ذكاء ليدرك مدى التراجع الذي طرأ على دور الأزهر في العقود الثلاثة الماضية، حتى إنه انصرف عن أهم وظائفه كرمز علمي شرعي وفقهي مستنير إلى مؤسسة تعليمية تنافس الجامعات الأخرى في فنون وعلوم ليست من اختصاصه كالطب والهندسة والعلوم. فأصبح كالذي يحاول تقليد الطاووس وما هو بالطاووس، فتعثر ووقع! اليوم بات الطريق مفتوحاً لاستعادة الأزهر لوهجه اللامع، ولإشراقته المتجلية، ولمكانته المبجلة، ولهيبته العزيزة. وإنا لمنتظرون!! [email protected]