ليس المجال مجال مدح وثناء على ما تم من إنجاز لشبكة طرق تربط مدن المملكة ومحافظاتها، بجهود جبارة وبإنفاق سخي من قبل حكومة هذه البلاد ممثلة في وزارة النقل. وقد بات مشاهداً كثرة الطرق السريعة التي يتمتع بها سالكوها في راحة وأمان، بعد أن كانت الطرق سابقاً في حال يرثى له حيث ذهب ضحية تعرجها وضيقها الآلاف من الأرواح نظراً لكثرة تعرجاتها وسهولة وصول الحيوانات إليها مما نتج عنه العديد من الحوادث المؤسفة. ولكنها في الواقع كانت تمر بالعديد من المحافظات والقرى وتتوفر فيها الخدمات بأنواعها. أما في أيامنا هذه، فقد بات الناس في مأمن من ذلك كله، يستمتعون بالقيادة الآمنة على طرق سريعة، ذات سياج محكم ومسارات متعددة تتسم بالعالمية والمواصفات الدولية. لكن المؤسف أن هذه الطرق تركت هكذا، موحشة، خالية تماماً من الخدمات، سواء كانت صحية أو بترولية أو خدمات الطوارئ. وهنا يتعجب المرء من غياب الفكر الاستثماري عن هذه الطرق؛ ويتساءل: أليس من المفترض استثمارها، وجعلها في وضع أفضل، بحيث تتخللها الخدمات والإنارة بل والمساحات الخضراء والمجسمات الجمالية..؟! إن السالك لهذه الطرق يجد نفسه فجأة وكأنه منقطع عن العالم كله؛ فلا محطات للوقود ولا مراكز صحية بل ولا مراكز إسعاف، ناهيك عن كون هذه الطرق تخلو وبشكل كامل من أي مساحات اصطناعية أو مجسمات، وهذا يعد- في تصوري- قصورا في إكمال منظومة ما تحتاجه هذه الطرق، وما يحتاجه سالكوها؛ فلو قدر لقائد مركبة أن يصاب بنوبة سكر أو خلاف ذلك مما يتعرض له الإنسان فإنه لن يجد مركزا أو نقطة إسعاف يذهب إليها لتلقي العلاج، وحتى لو نسي هذا القائد تعبئة خزان وقود السيارة بالبنزين فهذا ربما أدى إلى انقطاعه وتعطيله بشكل محزن. إن الفكر الاستثماري بات ذا مجالات واسعة وأنماط متعددة، وأصبح هناك شركات كبرى يمكن أن تضع كل خبراتها في جعل هذه الطرق واحة تمتع عيني الناظر وفيها من الخدمات ما يجعل السير فيها نزهة يسير فيها القائد للمركبة والركاب معه، كما هو مشاهد في العديد من الدول المجاورة والدول الكبرى. ليس هناك ما يبرر ترك هذه الطرق بهذا الشكل، فالجهود التي بذلت في إيجادها كانت مضنية بشكل كبير وقد تحملت الدولة من أجل ذلك الشيء الكثير، ولذا كان من المفترض استثمارها بحيث يكون لها عائد على السالك لها بل وعلى الوزارة نفسها عوائد كبيرة. ومن غير المعقول أن تنفّذ الوزارة هذه الطرق وتستمر في صيانتها مدى الدهر، فهذا يشكّل عبئا إضافيا يثقل كاهلها ويرهق ميزانيتها، وهو أيضا إجراء غير مبرر بل المفترض أن يكون هناك عائد من هذه الطرق بعد طرحها للاستثمار وفق شروط وضوابط معينة تعود بالفائدة على سالكيها أولا وعلى الوزارة بشكل تلقائي. والمرجو أن تشكّل الوزارة لجنة أو تستعين بخبراء (شركات أو أفراد) لوضع الضوابط والشروط، ويتم طرح هذه الطرق للاستثمار وبشكل لا يقبل التأخير، فقد باتت هذه الطرق تشكّل خطرا على سالكيها، فهل تتجاوب وزارة النقل مع هذا النداء..؟! أتمنى ذلك. [email protected]