كان سلطان السروري يسكن في شقته منذ خمسة أعوام بإيجار 25 ألف ريال في السنة، وبدون أي مقدمات أو مبررات جاء إليه مالك العقار وطلب منه زيادة قيمة الإيجار 5 آلاف ريال، وإلاّ سيضطر لإنهاء العقد! وهو ما يجبره على ترك الوحدة السكنية، والبحث عن أخرى.. هذا ما جعل سلطان ينقل أثاثه وعائلته إلى شقة أخرى بغرف أقل، وتبعد عن محيط عمله، ومدارس أطفاله، وهي الميزة التي كانت تتوافر في الوحدة السكنية التي كان يسكنها قبل أن يرتفع إيجارها. وحال السروري لا يختلف كثيرًا عن متعب البيشي»من ذوي الدخل المحدود» الذي خرج من سكنه الذي ارتفع إيجاره من 18 إلى 23 ألف ريال، بزيادة تقترب من 30 في المائة، ما جعله يلجأ إلى المساكن الخيرية ذات الحمامات المشتركة. والنموذجان السابقان ليسا الوحيدين اللذين يواجهان مثل هذه الارتفاعات والزيادات العشوائية التي يعتمدها ملاك العقارات، إذ لا يوجد في عقد التأجير ما يحدد نسب زيادة الإيجار، ولا الإجراءات التي تحكم العلاقة بين المستأجر ومالك العقار، إذ يواجه الكثير من المواطنين ارتفاع أسعار الواحدات السكنية في محافظة جدة إذ إن سعر شراء الوحدة المكونة من أربع غرف حسب تقدير مكاتب العقار قد ارتفع من 400 ألف ريال إلى أكثر من 550 ألف ريال، والشقق الكبيرة ذات الست غرف وصلت أسعار بعضها إلى أكثر من مليون ريال، والفلل الدوبلكس، وصلت في بعض أحياء شمال جدة إلى ما يقارب المليونين ريال. وأوضح حسين العبدلي أحد أصحاب المكاتب العقارية الكبرى بجدة أن قطاع العقارات السكنية يتصدر قطاعات العقار في المملكة، ويمثل نسبة 70 في المئة من إجمالى النشاط العقاري. وقال: إن المؤشرات الواقعية لسوق العقار بجدة لا تعكس ولا تشير إلى امكانية انخفاض، أو تراجع الأسعار مستقبلاً، خاصة مع تزايد الكثافة السكانية، وانتعاش نشاطات السياحة المحلية، والدينية، وارتفاع نسبة الهجرة المدنية إلى المحافظة. وأضاف: إن الطلب على شراء أو استئجار العقارات السكنية في الأشهر الثلاثة الماضية كان ضعيفًا بسبب ارتفاع الأسعار العائد إلى اختلال ميزان العرض والطلب، وسيطرة كبار ملاك العقار على السوق بدون رادع يمنعهم من التلاعب بقيمة العقارات وأسعار الأراضي. * توازن العرض والطلب من ناحية أخرى كشف محمد الغامدي أحد أصحاب المكاتب الهندسية أن هناك الكثير من الملاك لا يودون رفع أسعار عقاراتهم السكينة، ويفضلون المساهمة في تخفيضها، وذلك بإضافة وحدات سكنية جديدة، أو بناء أدوار إضافية للوحدات القديمة دون تغيير في قيمة البيع أو الإيجار، وهذا ما سيساعد على توازن ميزان العرض والطلب في السوق. وأضاف: إن أكثر ما يعرقل هذه الحركة الإصلاحية التلقائية في ظل أزمة سوق العقار السكني بجدة هو التأخير غير المبرر لعملية إصدار رخص البناء التي تصل مدة إجراءاتها في الأمانة إلى 6 أشهر بعد أن كان يتم إصدارها في الماضي خلال أسبوعين، وأعتقد أن ذلك أسهم في تفاقم هذه الأزمة.