مللتم ومللنا.. في كل مرة تُطرح على الطاولة قضية قيادة المرأة السعودية للسيارة نجد من يعمر بندقيته ومن لا يكل من استحضار حججه وموروثاته ومن يتسربل بسيفه وترسه وكأنها أم المعارك، وكأن هذه السعودية تمردت على خصوصيتها ودينها وتاريخها وأعلنت حالة عصيان تذكرنا بعصر عصيان العبيد والجواري. المرأة.. تريد.. قيادة.. السيارة.. أعيدوا القراءة مرة ومرات لتكتشفوا أن العنوان ليس كبيرا ولا مثيرا ولا يليق به كل هذا الاختناق.. وزحمة الخوف من فلتان زمام مقود القيادة.. والقوامة! وللمصداقية إن هذا المطلب لم يعد من باب الرغبة في الترف الممنوع بل أصبح مدخلاً لرؤى المستقبل القريب ..فإذا كان التشنج هكذا اليوم أمام مقود صغير فكيف تراه سيكون غدا لنيل المناصب الوزارية ..والقضاء ..وغيرها من المواضع التقدمية في المجتمع ..وكلكم يعلم بأنكم لن تستطيعوا نكران ذلك عليها بالمستقبل. صدقاً نقول لأخينا الرجل هي دعوة لتنزعوا نظاراتكم السميكة وترون نساء العالمين من حولكم فالسعودية المرأة الوحيدة التي لم يُعطى لها بعد هذا الحق ...فهل كل نساء العالم ناضجات وماجداتكم مازلن قاصرات ؟ وهل كل رجال الأرض مستهترين بالحفاظ على نسائهم وأنتم فقط المحافظين!. المرأة في روسيا غزت الفضاء وتستعد لمواجهة المريخ. في أمريكا تشرف على بناء المفاعلات النووية. في جامعات أوروبا تدرس أكثر المواد أهمية. في ماليزيا والصين وكوريا وحتى في الدول النامية تتقاسم البساط مع الرجل ..ونحن مازلنا نبحث عن البساط !. ان ما نقوله ليس درساً تعزيرياً ولا اقتناصاً للفرص بل مقاربة بالمنطق ..انها الألفية الثالثة يا عزيزي الذي يقاس بها تطور الأمم برقي ونضج نساءها ..فلماذا تعاندون التاريخ في حجة خصوصية الجغرافيا ! والمزعج ان البعض يسوق حججاً واهية تحت مسميات الغيرة والفتنة وما شابه..فهذا يشتكي لاحتمال تعرضها للمعاكسة وآخر يضع احتمال توقيفها مروريا وثالث يدلل على نقص مقدارها ..والمفارقة تكمن في ان المرأة السعودية لا علاقة لها بواحدة في هذه الإشكاليات إلا أنها تعاقب بجرم الآخر. وكأن قدرها الدائم ان تقابل ضجيج هذا الآخر بصمت ونكران الذات. بقي ان نقول وبكل أمانة لا تضيعوا وقتكم في ترديد نفس الأعذار المستهلكة فلم تعد تخدم صورتنا العالمية.. خصوصاً اننا أصبحنا جميعا أمام المد الطوفاني وجها لوجه والقادم من رحم تغيرات العالم والشامل لمنطقة الشرق الأوسط تحديدا ..وبدلا من ذلك خذ بيدها أيها الحكيم لتكن لك عوناً لا حجة عليك ! وليكن صرف الوقت في الاستبيانات والأبحاث التي تقارن بين مؤيد ومعارض للفكرة موجهاً من أجل كيفية وضع ضوابط وخطط تساهم بتنفيذ الأمر بسهولة وخبرة وبتوقيت زمني مناسب يحافظ على ثوابت الدين والمجتمع بدون ضرر ولا ضرار للطرفين. فمرحلة العلاج قد حلًت واستوجبها الظرف العالمي الجديد ولم يعد ينفع معها مرحلة التشخيص والاختيار . ختاماً - للنمل حكمة قديمة تتطلب أحيانا الخروج عن خط السيرالمقرر ليس من أجل التمرد والعصيان بل إلى لفت الانتباه ان هناك عائقا سيعترض الطريق ...فاعتبروا يا أولي الألباب. E – mail :[email protected] Facebook : البتول الهاشميه