أأقول فات القطار.. أأقول عليكم السلام.. أم أقول من الملام؟!! حروفٌ كتبتها لله ثم لإنقاذ أخواتي العوانس بدأت بمقال ثم تطورت لحلم كتاب أو شريط إلى أن رست على شاطئ البحث عن جمعية تجمع الجميع للبحث عن مضاد حيوي فعال يقضي على فيروس العنوسة في المجتمع. وإلى حد هذه السطور التي أبت أن تتمدد لتصل إلى أذن مسؤول فيحرك الأمور ليفسر الأمور ويوجد الحلول. ها هي العطلة الصيفية تقترب، وتلك فساتين الأعراس تزركش، وهؤلاء العرسان يقبلون على محلات الذهب، وتلك العروسة تقفز من الفرح، والأخرى تصرخ بكل مرح. أما أختنا سعاد، هند، لمى، رنا، وئام، ابتهال، لا يهم أن تختلف الأسامي.. فالحقيقة هي أنها عانس، نعم.. عانس لا تريد منكم شيئا.. لا شيء فليست هذه المقالة مقالةً عاطفية لجلب أصوات حزن وتودد لهذه الفتاة السجينة خلف جدران العنوسة. لا نريد من كتاب أعمدة الصحف أن يسطروا سطورًا تصف حال مجتمع تعيش فيه عانس تُضرب فيه بأسياط حرمان زوج يقول لها كل صباح: حبيبتي وزوجتي الغالية.. هل استيقظت من النوم؟.. لا نريد منك يا كاتب يا غيور أن تنهك قلمك بحفنة من السطور حتى لا ترهق أنامل أصابعك الرقيقة... لا داعي فتلك الفتاة العانسة لا تستحق أن يقال لها صباحًا.. سوى.. فلانة قومي وأعدي وجبة الإفطار... فلانة قوي واكنسي المنزل.. فلانة قومي واغسلي الملابس.. فلانة لا فائدة منك سوى النوم. لا ترهق نفسك يا كاتبنا العزيز.. فسكوتك عن الحديث دليل على أن مشكلة العنوسة تضخمها تلك الفتيات العانسات لأنهن يحترفن فن البكاء، نعم.. لا يغرنك تلك الهالة السوداء خلف العينين فهي ليست سوى نتيجة طبيعية سببها سهر الليالي، ولا تغرنك بحة الصوت فهي تغريد بلبل بموضة العصر... احذر أن تقول لي إن فتاة قد أصيبت بغيبوبة بسبب امتناعها عن الأكل فلا شهية لها في طعام لا تحضره هي بيدها لزوج كريم تحلم به. آه.. كم أن مجتمعنا قاس، عجزت عن إيصال رسالة إليه؛ مفادها أنه ليس كل صامت سعيدا، وليس كل مبتسم فرحان، وليس كل نائم مرتاحا. لا.. ولا وأيضًا ثم لا؛ لأن أي مشكلة أو هم أو إن شئت فقل غم يقع لك لا بد وأن تجد عائلتك وقد وقفت معك تساندك وتنسيك ولو شيئًا بسيطًا من همومك، فتواسيك في محنتك. أما أختنا العانس؛ فهي تحت رحمة مجتمع لا يعترف بها أصلًا، وأب متناسٍ لها جدًا، وإعلام متجاهل لحقيقة معاناتها المريرة. قلنا إن نسبة العنوسة في المملكة هي (33%) مرشحة وبقوة للزيادة؛ فخرجوا لنا بقضية تحديد النسل. قلنا إن إقبال الفتيات على الدراسة مع تقدم السن مسؤول على تسجيل آلاف من الطوابير في ميدان العنوسة، فقالوا لنا هناك فجوة بين المرأة والرجل. قلنا لهم إن أبجديات العنوسة تحولت إلى قواميس فقالوا لنا نفسح المجال نحو قيادة المرأة للطريق. تحول مجتمعنا إلى مجتمع مادي بحت - إلا ما رحم ربك - مجتمع يتحدث عن أسعار الكوسة والطماطم والبامية ولا يحرك ساكنًا عن أعمار وصلت لسن العنوسة موجودة في منازله. كل ما نريده من المجتمع هو طرق نجاة ينقذ فتياتنا من الغرق في بحار العنوسة، والمساهمة في إنشاء قارب يجمع رأسين في الحلال علهما ينجوان به من أمواج البحار المتلاطمة، ويبعدهما عن حيتان الغدر المفترسة. عبدالعزيز جايز الفقيري - تبوك