حين تكبر النفوس عن الصغائر وتعلو عن الترهات تحلو لك الحياة وتستعذب مشاق العمل وتنسى متاعب العثرات وترتقي بإذن الله سلم النجاح. هذا طبع النفوس الكبيرة الواثقة من توفيق الله عز وجل، الكبيرة بإيمانها ونظرتها البيضاء للحياة، لا تنظر لسفاسفها ولا تتطلع تحت أقدامها، إنها نفوس كبيرة لا ترضى بأقل من السماء هدفًا، بالنسبة لها Sky is the Limit كما يقولون في الإنجليزية أو كما قال الشاعر (لا ترضى بما دون النجوم) أما من لا ينظرون إلى أبعد من أنوفهم ويعيشون كالطفيليات عالة على الآخرين يقتاتون من فتات الغير لاهية نفوسهم الضعيفة في الضغائن والترهات لا هم لهم إلا محاربة الناجحين ومضايقة المتفوقين أو محاربة المبدعين فهم في النهاية تابعون لا متبوعين سيجدون أنفسهم في القاع والآخرين على القمة، مهما حاولوا ومهما تعالت صيحاتهم فستذهب مع الريح، فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فسيبقى في الأرض. لماذا ذكرنا هذا الكلام ولماذا افتتحنا مقال هذا الأسبوع بهذه المقدمة، فالتعليقات جاءت كثيرة على مقال الأسبوع الماضي (لا يهمونك) مما حدث لصاحبنا إياه، حكى كثير من القراء والقارئات الأكارم بعضًا من أوجه الشد والجذب الأزلي بين النفوس الكبيرة والنفوس القزمة. قلت وتلك سنة الحياة حتى يستبين الحق من الباطل وتعلو النفوس الكبيرة بهممها العالية وروحها الوثابة حبًا للخير ولمساعدة الآخرين ورغبتها في العمل الجاد ركضًا في دروب الحياة حتى تقطف ثمرة سعيها خيرًا للناس ومنفعة للآخرين أما من ضعفت نفوسهم والتصقت بالأرض بعدًا عن الخير وبعدًا عن حب الخير للآخرين فسيبقون ما بقي الخير والشر وتعاقب الليل والنهار ولكنهم سيخسرون في النهاية وترتد إليهم محاولاتهم فشلًا ذريعًا في إيقاف الناجحين أو التأثير في مسيرة الفائزين، إنها سنة الله في الحياة فالله لا يضيع أجر من أحسن عملًا مهما كانت العقبات وعلت العثرات فهذا ضمان إلهي للمبدعين المخلصين بأنهم سيكونون دومًا في المقدمة مهما حاول المثبطون أعداء النجاح جذبهم للخلف أولئك الذين لا يعرفون غير الخوف ولا يجيدون غير النفي ولا ينطقون إلا كلمة (لا) وهكذا تمضي الحياة بنا صراع وأمواج تهبط وتعلو وأصوات تخفت وتعلو والحق سيد الموقف وله الغلبة بإذن الله. إن قافلة الناجحين ستستمر في مسيرتها وسيستمر الناجحون في ركضهم رغم أن أعداء النجاح لن يعدموا الوسائل ولن يقفوا مكتوفي الأيدي لمحاربة الناجحين ووضع العراقيل أمامهم بكل الوسائل الممكنة وغير الممكنة فهذا ديدنهم وهذا طبعهم وهذا ما جبلوا عليه أو لنقل هو في جيناتهم الوراثية. لقد قفزوا في غفلة من الزمن وتبوأ هؤلاء المحاربون للنجاح مناصب وأصبحوا يفتون فيما لا يعرفون ويهرفون في قضايا أكبر منهم ولكن الله غالب على أمره وستمضي بنا الحياة في دروبها الواسعة وآفاقها البعيدة ولن يصح إلا الصحيح نجاحًا وتألقًا وإبداعًا. [email protected]