إذا كان التلفزيون من أهم مقومات الحياة بالنسبة لكل شعوب الدنيا، فإن التلفزيون بالنسبة للأميركيين هو العين التي يرون العالم بواسطتها، وهو الرئة التي يتنفسون من خلالها، وهو الوسيلة الوحيدة لمعايشة الواقع وللتنفيس عن الأحلام وللتعبير عن المخيلة! التلفزيون في الولاياتالمتحدة، يؤدي وظائف عديدة ويقوم بمهام وأدوار متنوعة تتجاوز ما هو معروف لدى الشعوب الأخرى. في أميركا التلفزيون هو الذي يصنع الواقع، والجمهور الأميركي تعود على أن يسلم قياده لجهاز التلفزيون دونما اعتراض أو حتى مناقشة... وهو ما لا يحدث في أي مكان من العالم سوى أميركا. جمهور المسلسلات الطويلة في أميركا، هو مثال للجمهور الطيب المثابر الذي يقضي ما لا يقل عن عشرة مواسم كاملة لمتابعة أحداث المسلسل الذي يحبه. وبغض النظر عن السقطات في البنية الدرامية حيث تجري الأحداث بعيدا عن المنطق وعن مقتضيات الواقع، فإن الجمهور الأميركي لا يبدي أي تأثر حيال ذلك، لأنه يميل بطبعه إلى تصديق كل ما يراه على شاشة التلفزيون التي تحولت لديهم إلى ما يشبه الإله. هذا المدخل ضروري في رأيي إذا ما حاولنا أن نفهم تصديق الأميركان لمسلسل بن لادن الطويل وعدم اعتراضهم على رداءة السيناريو الذي أعد لهم أو ركاكة البنية الدرامية التي قدم من خلالها. ببساطة شديدة التلفزيون قال إن أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة الإرهابي هما أعداء أميركا، وأن تصفيتهما ستجعل المواطن الأميركي ينعم بالأمن طوال حياته. إذن يجب أن يصدق المشاهد الأميركي ما سبق وقيل له، دون أن يطلق تساؤلا واحدا عن علاقة أميركا بنشأة هذا التنظيم الإرهابي، وعلاقة أجهزة رسمية حساسة كالجيش الأميركي ممثلا في فرقة القبعات الخضر، ووكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، بتدريب هذا التنظيم الذي كان ذراعا باطشة للولايات المتحدة في حربها الباردة ضد الاتحاد السوفييتي السابق! ولقد أبدى الجمهور الأميركي صبرا كريما هو جدير به، وهو يتابع مسلسل بن لادن الذي استمر عرضه لحوالي عشر سنوات أو (عشرة مواسم) متتالية. ما أسهل أن تحكم الشعب الأميركي. [email protected]