يلجأ بعض المنشدين إلى إنشاء حسابات وهمية، وصفحات مزورة؛ لقياس شهرتهم، ومعرفة صورتهم، ومعرفة مكانتهم لدى الآخرين. فتارة نجد عبر المنتديات من يتساءل عن شهرة أحد المنشدين، ويكون السائل هو نفس المسؤول عنه، ولا يرمي إلا لمعرفة ما يقوله الناس عنه، هل حصل على شهرته الكاملة وهل أداؤه الفني كان بالمستوى المأمول دون أن يبين للناس شخصيته الحقيقة بذلك الحساب الذي افتتحه وإنما يكون في غالب الأمر بتلك الشخصية الوهمية في جميع المنتديات وحسابات الفيس بوك. ندرة وجودها يبتدر عضو مجموعة قمم للأعمال الفنية الأستاذ عبدالله هزازي موضحًا أنه لا يعلم أن هناك من المنشدين من قام بعمل صفحة وهمية أو موقع أو حتى بريد إلكتروني وهمي يهدف من خلاله لأخذ آراء الجمهور وانطباعاتهم ولمتابعة آرائهم حول شخصيته لأنه لا يحب المجاملات أو (الطبطبة) باحثًا من خلال هذا التصرف عن المصداقية، ويريد تعديل أخطائه والرقي بأعماله فيضع التساؤلات التي يبحث لها عن إجابة شافية كافية. وأضاف هزازي أن مثل هذا التصرف وغيره له العديد من الإيجابيات والسلبيات، ومن سلبياته أنه فيه دليل على ضعف الثقة بالنفس وربما فتح المجال أمام الناس لمتابعته بصورة دقيقة في كل صغيرة وكبيرة ويكون دائمًا بانتظار الرأي الأسوأ فيعيقه عن أعماله، لأنه بالمقابل سيصرف الكثير من وقته في الرد والمتابعة. وتساءل هزازي بقوله: لماذا يتجه البعض لوضع هذه الصفحة الوهمية وهذا الموقع؟ ألهذه الدرجة قلت ثقته بجمهوره؟ فالأعمال التي قدمها المنشد لا يستطيع الحكم على جودتها أو ضعفها سوى المتخصصين والقائمين على مثل هذه الأعمال، أما الجمهور فإن لديه الخيار لقبول العمل ورفضه، والعمل المتميز يفرض نفسه في آخر الأمر. وإن كان في مثل هذا التصرف إيجابيات فإنه يمكن للمنشد أن يتعرف أكثر على صدى أعماله وأناشيده ويتعرف أيضا على الأخطاء والعيوب ومن ثم يجتهد في إصلاحها وتطويرها، وعليه معرفة أنه ما دام يقدم رسالة رائعة بكلمة هادفة ولحن جميل وصوت عذب وإخراج متميز بأن المشاهد والمستمع والمتابع سيحترم ما يقدمه وسيقول رأيه بكل شفافية ووضوح وسيكون صادقًا معه وعلى المنشد الوضوح وتحلي بالمصداقية والبعد عن الوهمية. حركة قديمة من جهته يوضح قائد فرقة ربى الفنية المنشد أكرم العروسي أن بعض المنشدين يدخلون بأكثر من حساب في المنتديات ويمدحون أنفسهم في المنتديات بحسابات تظهر أمام الملأ بأنها جديدة، ويقول: هذه التصرفات وإن دلت فإنها ستدل على نقص ثقة المنشد بنفسه، فالمنشد الواثق من نفسه لن يلجأ لهذه الأساليب التي تعتمد على اللف والدوران وإنما يترك الآخرين ليقولوا رأيه فما يقدمه من أعمال. وأضاف العروسي: المنشد الذي ينشد من قلبه فإن صوته سيصل لقلوب الناس، ولو أن المنشدين كان لهم هدف واضح وصريح فسنجد لهم شعبية أكبر وجماهير أكثر، وبعض المنشدين الذين دخلوا هذا المضمار مؤخرًا حققوا شهرة كبيرة لم يحققها من سبقوهم بفترات طويلة، لأن هؤلاء كان هدفهم هو الربح المالي أو الوصول للشهرة ولم يكن هدفهم إيصال الرسالة. وعبر العروسي بأن هناك طرقًا عديدة يستطيع المنشد من خلالها معرفة عمله وذلك بأن يقوم بإنزال أنشودته عبر الإنترنت وينتظر ردود الناس بالموقع ليرى ما يقولوه عنه بمصداقية، وعليه تحري الصدق بصفحاته عبر الإنترنت وإن أراد أن يسوق لنفسه فعليه بالطريق الواضح الصريح دون اللجوء للطرق الملتوية، مطالبًا جميع المنشدين بأن يوضحوا هدفهم منذ البداية ولماذا دخلوا هذا المجال من الأساس. ضعف الثقة من جانبه بين قائد فرقة أهل البلد الجسيس أنس أبو الخير أن الشخص الذي ينشئ صفحات بأسماء مستعارة لمعرفة انطباع الناس عنه فإن عملهم هذا يكون دافعه فقدان المنشد للثقة بنفسه، ويترتب عليه وجود مشكلات نفسية لديه وأنه قد لا يكون راضيًُا أتم الرضا عما يقدمه. وقال: المنشد الواثق من نفسه لن يلجأ لهذا الأمر ولو أراد معرفة رأي الناس فيه فلن يكون بطريقة غير سوية وبها نوع من التحايل وإنما سيعرف مدى شهرته من خلال عمله وطلب الناس، أما من يسلك هذا المنهج الغريب بصفحات ليست له وحسابات لأناس آخرين فهذه المشكلة أن الشخص يشك بنفسه وهذه تترتب عليها أمور نفسية. وأضاف أبو الخير أن الجميع قد يسلك هذا الطريق سواء المغني أو المنشد أو أئمة المساجد جميعهم ينطبق عليهم عدم ثقتهم بنفسهم وفي الغالب نجد المبتدئين من يعملوها. مشكلة نفسية أما قائد فرقة الدانة المنشد بكر فكي فقد تحسر على من يقوم بمثل هذه الأعمال يعانون من عدم الوعي، واصفًا هذه الخطوة بالسلبية، مسترسلًا بقوله: لا يعمل هذه الصفحات إلا شخص فاقد الثقة بنفسه وغير متأكد من قدراته وصوته وبراعته في الأداء الذي من المفترض أن تحكم الجماهير عليه ويراها بشكل علني، وليس بشكل يغلب عليه طابع التخفي، ومن لجأ لهذا الأسلوب فهو بدون شك يعاني من مشكلة نفسية وليس صاحب نفسية جاهزة للشروع بقوة في المجال الإنشادي أو الوثوق من نفسه وقدراته. وأردف أن هذا التصرف يميل إليه المنشدون المبتدئون في أغلب الأحوال فالمنشد المعروف لن يتفرغ لمثل هذه الأمور التي لن تؤدي سوى لضياع وقته وجهده في شيء غير مفيد، ومن يعملها فحالته شاذة وهذا وضع لا ينطبق على الكل. اختتم فكي بقوله: على الشخص الذي يريد معرفة قوة أدائه أن يستشير من لديهم الخبرة الكاملة في المجال والمقربين منه، فالبعض قد يكون مبدعًا في تلاوة القرآن ولكن إذا أنشد نرى مستواه أقل بكثير والعكس كذلك، ومن أراد الوصول للشهرة عليه البحث عن شخص يقتدي به ونرى نفس الصفات تجمع بينهما من خامة الصوت والهواية والبيئة.