النجاح طريق السعادة، والعنوان الأبرز في مسيرة الحياة المفعمة بالانجازات المتعددة لأولئك العصاميين الذين حولوا العوائق إلى نجاحات بارزة أرووها بعرقهم وكتبوها بجدهم واجتهادهم بأحرف من نور في جبين التاريخ وفوق هامات السحب، لتصير بعد حين نبراسًا يحتذى للأجيال القادمة، يهتدون بها نحو الارتقاء إلى سلم المجد والبناء والتقدم وأبطال قصصنا هم كثر في بلادنا، وقدموا الكثير والكثير لهذا الوطن أرضًا وإنسانًا ومن هؤلاء الناجحين بطل قصتنا اليوم وهو:فضيلة الاستاذ الدكتور عمر فلاتة. الاسم: عمر عثمان محمد فلاتة تاريخ الميلاد عام 1364هجرية متزوج ولي 6 بنات درست في مكة علوم الحديث درست في قسم الدراسات الإسلامية في المدينة عندي محاضرات في المعهد العالي للائمة والخطباء تعاونت مع رابط العالم الاسلامي وهيئة الإغاثة هو أحد أبناء المدينةالمنورة، الذين تركوا بصمة واضحة في سموات العلم الشرعي على مستوى المملكة والعالم، كانت جهوده في خدمة الدين الإسلامي الحنيف، علامة فارقة في سبيل نصرة الدين وأهله، سواء من خلال التعليم في الحرمين الشريفين، أو برسالته للدكتوراة والموسومة بوضع الحديث، أو من خلال رحلاته وتنقلاته إلى كثير من بقاع الدنيا ليوصل رسالة الإسلام الخالدة إلى كل من ظل عن طريق الحق والهداية، عوضًا عن جهوده وبصماته التي تركها في قلوب وحياة أولئك الذين أنار الإسلام قلوبهم على يديه أو بمساهمة منه وهم بآلاف في طيبة الطيبة، ومشارق الأرض ومغاربها إنه الشيخ الأستاذ الدكتور عمر عثمان فلاتة المدرس بالمسجد النبوي الشريف. يقول الشيخ عمر فلاتة عن مولده ونشأته: ولدت في المدينةالمنورة بحي الأغوات عام 1364ه، إذ كان يقع الحي شرق المسجد النبوي بينه والبقيع المعروف الآن بالساحة، ويسمّى حي الأغوات (أغوات الحرم المدني) وكان فيه من المعالم رباط مظهر الفاروقي، وسكن الطلاب، وكان فيه رباط العجم، ورباط سيدنا عثمان. زملاء الدراسة: أما عن زملائه في تلك المرحلة المبكرة من حياته فيقول: أذكر منهم المهندس محمد جميل مولا الذي نشأ عندنا في الحارة، أيضًا من الذين كانوا في الحي وهم موجودون الآن في الحار الشرقية. ويصف فلاتة طبيعة الحياة الأسرية في مثل تلك الأيام بقوله: كنا نسكن نحن والوالد والوالدة والإخوان وخالي كان معنا بنفس البيت، واستمررنا حتى انتقلنا إلى الحارة الشرقية بعد أن هدمت حارتنا. مدرستي الأولى: وعن بداياته التعليمية يقول بدأت في الحرم 1370ه بكتّاب جعفر فقيه والد أسامة فقيه وزير التجارة سابقًا، كان والده عنده كتّاب له ولأخيه والتحقت فيه لمدة سنة. بعدها انتقلت إلى المدرسة الناصرية 1371ه، وكان موقعها في الشمال الشرقي من الحرم. هؤلاء مَن درسوني: وكان مدير المدرسة الأستاذ عبدالفتاح كردي -رحمه الله- ووكيلها الأستاذ محمد حميدة -الله يطول بعمره- وكان مراقبها الأستاذ حمزة جاسم توفي قبل أشهر -يرحمه الله-. وأبرز المشايخ محمود مدني راشد الشريف، والأستاذ محمد طاهر وغيرهم من المشايخ. دراستي الابتدائية: وفيما يتعلق بدراسته الابتدائية فيشير الدكتور فلاتة إلى أنها تمت في مدرستين حيث يقول: بدأتها في المدرسة الناصرية وعام 73ه فتحت المدرسة الفيصلية وكانت في طرف درب الجنايز قريبة من السوق التي أسسها الشيخ إبراهيم علي العياشي صاحب الكتاب المشهور المدينة بين الماضي والحاضر، وانتقلت إليها لأنها قريبة من البيت وأكملت الابتدائية فيها. عام 1376 ثم من بعدها انتقلت الى المعهد العلمي السعودي. طبيعة الدراسة : ويضيف الشيخ فلاتة واصفًا طبيعة الدراسة في ذلك الوقت قائلاً : كان في تلك الفترة بعد طلاب الابتدائية إمّا أن ينتقلوا للثانوية أو المعهد العلمي لعدم وجود المتوسطة في ذلك الزمن فانتقلت إلى المعهد وكان على فترتين مرحلة متوسطة (الكفاءة) ثم المرحلة الثانوية ومجموع المرحلتين في 5 سنوات ومعظم دراساته تركز على المواد الشرعية واللغة العربية وطبعًا في الإعدادية كنا ندرس العلوم والرياضيات لكن بعد مرحلة الكفاءة اقتصرت الدراسة على المواد الشرعية والأدبية اللغة العربية التاريخ والجغرافيا، وكانت الدراسة لمدة سنتين بعد الكفاءة بعدها انتقلت إلى الدراسة العالية (كلية الشريعة) في مكة عام 1382ه وهذه مدة الدراسة. إغلاق المعهد العلمي: ويتابع الشيخ فلاتة: الشيء اللافت في الأمر والذي يستحق التعريج إليه أنه في عام 77 التحقت بالمعهد ثم قررت وزارة المعارف إغلاقه ضمن خطة لأنهم اكتفوا أن تكون الدراسات الشرعية تابعة لدارة المعاهد والكليات في الرياض بينما المعهد العلمي تابع لوزارة المعارف، وكان هناك معهدان هما المعهد العلمي السعودي في مكةوالمدينة ويقابلهم معهد دار التوحيد في الطائف من اجل أن يوحدوا برامج التعليم قرروا إغلاق هذين المعهدين وكنا كلما صعدنا فصل أغلقوا الذي قبلنا لذلك أصبحنا ندرس دراسة جادة حتى لا نخفق ويضيع مستقبلنا وما نستطيع المتابعة ثم أكملنا المرحلة الإعدادية وأغلق المعهد وأنشئ بدلا عنه معهد المعلمين وهكذا لما أكملنا المرحلة الثانوية انتقلنا لكلية الشريعة بمكة. مغادرة المدينة إلى مكة: عن هذه المرحلة التي كانت بمثابة مرحلة التحول في حياة الشيخ فلاتة فيقول: كانت من الأمور العجيبة أن عددنا كان فوق 60 طالبًا وعند الانتهاء قرر جميع الزملاء السفر للرياض للالتحاق بجامعة الملك سعود بكلية الآداب لأنها كانت تقبل طلبة المعهد العلمي، إلاّ أنا قررت أن أذهب إلى كلية الشريعة بمكة، والوحيد الذي رحت إليها، ورغم الألفة والصحبة لم اذهب معهم. ويضيف وربما يعود ذلك إلى كوني هيّأت نفسي لذلك لأني بعد الكفاءة كنت ادرس في المعهد السعودي رابعة وخامسة لكني كنت ملتحقًا في حلقات الدروس بالمسجد النبوي على يد الشيخ عمر والشيخ المختار، وكان توجهي أساسًا شرعيًّا، ورغم افتتاح الجامعة الإسلامية إلاّ أن ظروفها لم تكن واضحة، هذا الذي وجهني إلى كلية الشريعة في مكة والتحقت بها. ويستطرد الشيخ الدكتور فلاتة: بعد شهرين فوجئت أن زملائي الذين ذهبوا للرياض عادوا إلى مكة؛ لأن جامعة الملك سعود وضعت لهم شروط امتحان في اللغة الانجليزية، والسبب بهذا أن السنة الأخيرة في المعهد يسمّونها السنة الخامسة كانت وزارة المعارف فتحت مجالاً للدراسة من الخارج أي طالب اخذ الشهادة الابتدائية ومضى عليها خمس سنوات بإمكانه أن يختبر في مقررات السنة الخامسة في المعهد العلمي السعودي، وإذا نجح يأخذ الثانوية مباشرة! وهذه العملية أتاحت لعدد كبير من الموظفين والطلاب المجال للالتحاق بجامعة الملك سعود، فلما كان العدد كبيرًا وأكثرهم دراساتهم من المنازل، وضعت الجامعة هذا الشرط فأثرت على طلاب خريجي المعهد، في نفس الوقت فتحت وزارة المعارف كلية التربية في مكة والذين تقدموا لها كانوا قليلين جدًا، وكان هذا نوعًا من وسائل الضغط للالتحاق بالكلية، حيث إن طلاب المعهد العلمي في مكةوالمدينة لم يكن أمامهم إلا أن يلتحقوا بكلية التربية. ذكريات الجامعة: وينتقل الدكتور فلاتة للحديث عن دراسته الجامعية في مكة وذكرياته فيها ويقول: واصلت الدراسة في مكة لمدة أربع سنوات، وتخرجت عام 1386ه، وكانت كلية الشريعة في مكة في تلك الفترة تركز على التعليم، وكان هناك نشاط رياضي وثقافي على مستوى محاضرات وصحف لكن كان تركيزي على الدروس الشرعية.. حتى أثناء دراستي في كلية الشريعة في مكة كنت ملتحقًا في حلقات دروس المسجد الحرام ودرست على يد كل من الشيخ السيد علوي المالك (الأب)، والشيخ محمد أمين كتبي كان يدرسنا اللغة العربية، والشيخ محمد نور سيف، والشيخ حسن بشار هؤلاء كانوا مشايخ الحرم في ذلك الوقت، فالتحقت بحلقاتهم بالإضافة إلى بعض الأساتذة الذين تطوعوا لتدريسنا مثل الشيخ محمد علي الصابوني الذي فتح لنا دراسة في علم المواريث. ويضيف: بالنسبة للأنشطة المختلفة فإنها كانت موجودة ولكن بشكل بسيط وأذكر أن زميلاً لي من أبناء الطائف اسمه عيسى علي العكاس كنا متلازمين أنا وهو وكان أيضًا يدرس معنا الدكتور راشد الشريف لأنه كان زميلنا والشيخ صالح العبود وكان هناك أستاذ اسمه محمد صالح حبيب (رحمه الله) وكنا ندرس عنده اللغة العربية (النحو والصرف) في شرح ابن عقيل، وهذه كانت أنشطتنا اللاصفية وكنا مسخرينها للدروس. مواقف لا تنسى: كان في مكة في تلك الفترة نشاط ثقافي كبير كان فيه محاضرات وفعاليات على مدار العام في نادي مكة الأدبي الذي كان قبل ذلك اسمه نادي الوحدة الرياضي، أيضًا رابطة العالم الإسلامي كان عندها نشاط وموسم ثقافي أيام الحج. النشاط الأدبي بمكة: كان في نادي الوحدة خلال تلك الفترة كثيرًا من أدباء مكة مثل الأستاذ محمد صالح جمال، ومحمد احمد جمال، وعبد الله عريف، واحمد عبد الغفور عطار، الذين كانوا يلقون محاضرات وكانت هذه البرامج والمواسم الثقافية تغطي جانبًا كبيرًا من وقت الإنسان. أيضًا كلية التربية استقدمت أساتذة من العراق ومصر وسوريا هؤلاء ساهموا في كثير في الحراك الثقافي من خلال المحاضرات الأدبية والثقافية التي كانوا يلقونها. محاضرات في الذاكرة: وتطرق الشيخ فلاتة إلى أهم المحاضرات التي بقيت راسخة في ذاكرته منذ ذلك الوقت قائلاً: كان من البرامج الثقافية الجيدة لاشك أنها كانت الأنشطة والمحاضرات المتعلقة بمكة ومشاعرها حرمتها، بالإضافة إلى تلك المتعلقة بالمدارس الأدبية في تلك الفترة حيث كان بعض الأساتذة يحرصون على أن يلقوا فيها الضوء على الجوانب الثقافية والتاريخية حيث كان توجهي يميل إلى الجانب الشرعي التاريخي.. في تلك الفترة أنشئت الرئاسة العامة للحرمين، وهذه أضافت بعدًا علميًّا وثقافيًّا حيث وظفت عددًا من الأساتذة في المسجد الحرام . حياتي في مكة: في هذه الجزئية لاحظت أن الشيخ فلاتة يحمل ذكريات طيبة عن مكة من خلال عاطفته الجياشة التي صاحبت حديثه عن حياته فيها حيث قال: الفترة الأولى كانت أربع سنوات، وكانت من أجمل سنوات عمري، وبعد البكالوريوس رجعت للمدينة، وعملت مدرسًا في مدرسة أبو بكر الصديق المتوسطة التي كانت تقع في داخل المدينة في منطقة تسمّى الجنان آخر باب المجيدي، وعملت فيها سنتين، ثم نقلت المدرسة نقلاً قهريًّا إلى الحرة الشرقية، وكانت ما فيها أي من وسائل الحضارة وكنا نعاني من ذلك معاناة شديدة، ورغم اعتراضنا أجبرنا وعانينا كثيرًا، وتوقفت كثير من الأنشطة فيها وبعد سنتين طلبت نقلي فنقلت إلى مدرسة عثمان بن عفان، وكانت في أول قباء في هذه الفترة فتحت برامج الدراسات العليا في مكة وتقدمت لها وقبلت وانتقلت إلى مكة ودرست أربع سنوات ماجستير، وبعد الانتهاء من الماجستير لم يكن هناك فرصة متاحة فانضممنا إلى جامعة الملك عبدالعزيز الأهلية في ذلك الوقت ثم ضمتها الدولة، وأضيفت لها كليتا الشريعة والتربية وسموها شطر الجامعة في مكة ومنها تيسرت لنا سبل الابتعاث فابتعثت إلى القاهرة. مرحلة القاهرة : اعتبر الدكتور مرحلة تحضير الدكتوراة في القاهرة بأنها ربيع العمر في حياته الدراسية اذ مثلت نقلة نوعية في هذا الاتجاه حيث يقول: مرحلة دراستي في القاهرة كانت نقلة رهيب ولم تنس فعندما حصلت على البعثة عام 1392 ه -1972م كانت رحلتي من المدينة إلى جدة ومنها إلى القاهرة على متن الخطوط السعودية، حيث وصلت مطارها ومعي الوالد -يرحمه الله- وزوجتي وطفلتي، حيث كنت قد تزوجت في ذلك الوقت. واستقبلنا زميلي الأستاذ احمد محمد نور سيف، وكان جزاه الله خيرًا هو والدكتور محمود زيني أرسلتهم الجامعة وتحصلوا لنا على قبول من جامعة الأزهر، وعندما وصلنا القاهرة قرب موسم الحج، وسكنا في منطقة اسمها العتبة وهي منطقة لا تنام ونزلنا في فندق السنترال وقعدنا فيه لمدة ثلاثة أيام ثم استأجرت شقة في شارع نجيب الريحاني والعتبة منطقة مكتظة بالسكان وزحمة، وعلى الرغم من انك تحس بالغربة لكن تستطيع في مصر أن تتعرف على ناس بسرعة . الدراسة بالأزهر: وعن الدراسة بالزاهر يقول الشيخ فلاتة: بعد الوصول والاستقرار في السكن توجهت لاستكمال إجراءات الدراسة في الأزهر وميزته انه لا يوجد دراسة نظامية في برنامج الدكتوراة بل تبدأ رأسًا بالرسالة وكان المشرف على رسالتي هو الأستاذ مصطفى أمين اتازي ويضيف: من لطف الله بنا عندما كنا ندرس الماجستير في مكة كان مدرسونا قادمين من الأزهر، وبعد أن رجعوا تسلموا القيادة فيه فكان الأستاذ الذي درسنا التفسير هو وكيل كلية أصول الدين في الأزهر، وكان اسمه الشيخ عبد العظيم الغباشي وتوفي -يرحمه الله- لاحقًا في مكة. وكانت هذه من الأشياء التي يسرت لنا الصعاب التي واجهتنا حيث استغرقت أوراقنا ثلاثة أشهر وهي من قسم الى قسم. أسرتي في القاهرة: في هذا الصدد يقول الشيخ فلاتة: ابنتي كان عمرها سنة، لكن زوجتي شعرت بالغربة وتصادف أني الوحيد الذي أخذ عائلته، وزميلي احمد محمد نور سيف لم يأخذ عائلته وفوجئت بأستاذين كريمين ابتعثا من جامعة الإمام وكانت اسمها الكليات والمعاهد وهما الأستاذ الدكتور احمد علي سير مباركي (عضو هيئة كبار العلماء)، هذا سبق ودرس معانا شهرًا أو شهرين في مكة ثم اجبر على الانتقال إلى الدراسة في الرياض، وكان ساعتها فتح معهد القضاء العالي فأخذ ماجستير من هناك، وابتعث للقاهرة، وكان هناك زميل آخر هو الدكتور عبد الله الوهيبي الذي كان يدرس الماجستير، وأتى معه بأهله أيضًا، وكنا ساكنين بمنطقة قريبة وكنا نتزاور أسبوعيًّا، وإذا تأخرنا عليهم ولم نذهب إليهم بعد صلاة العصر نفاجأ بوصولهم إلينا. وبعدها توافد الإخوة وتحسنت الأحوال. الحياة في جو علمي: يقول الدكتور فلاتة عن الحياة في مثل هذه الأجواء: وجودك مع زملائك في هذه المرحلة علمنا التعاون العلمي بينا البعض وسكننا بالقرب من بعض سهلت لنا تبادل المراجع والكتب حيث كانت هناك صعوبة في الحصول على الكتب المطبوعة خارج مصر، ولا ننسى في هذا الإطار مساعدة الأستاذ حمزة محمد عابد الملحق الثقافي الذي فكر أن يذلل لنا الكثير من العقبات، حيث عمل لنا مكتبة في الملحقية ومنحنا سلفًا لشراء الكتب الذي نريدها، وعند عدم الحاجة لها نعيدها للمكتبة فتأسست بذلك مكتبة كبيرة للملحقية تذكر حتى اليوم. عنوان الرسالة: وممّا لا شك فيه أن رسالة الدكتوراة التي ناقشها الدكتور فلاتة، وحصل عليها من الأزهر عام 1397ه كانت متميزة بتميز صاحبها، والتي حملت عنوان (الوضع في الحديث)، حيث أوصت اللجنة بطباعتها. العودة إلى الوطن: هنا تحدث الشيخ فلاتة عن عودته إلى المملكة والتحاقه للعمل بجامعة الملك عبدالعزيز (شطر مكة) بشيء من التفاؤل الذي لازمه في حياتي، حيث قال: رجعت إلى مكة وأذكر أني وصلت إلى المدينة قبل العيد، وفي سبعة شوال قدمت أوراقي في كلية الشريعة بجامعة الملك عبدالعزيز شطر مكة في يوم الأحد، وكان في ذلك اليوم انعقاد مجلس القسم فأوصى بتعييني. في يوم الاثنين انعقد مجلس الكلية فأوصى بتعييني، ويوم الثلاثاء انعقد مجلس الكلية فعينني، وهذه من الأشياء التي أكرمني الله فيها، يعني فترة التعيين كلها 3 أيام. التدرج في المناصب: وبما يتعلق بمهامه العملية التي أوكلت إليه في الجامعة يقول الشيخ فلاتة: في عهد مدير الجامعة الدكتور محمد عمر الزبير التحقت للعمل في الجامعة وعام 98 كلفوني برئاسة قسم الشريعة إلى آخر 99. ويضيف: شاءت الأقدار أنني في عام 1400ه انتقلت إلى كلية التربية بالمدينة في قسم الشريعة ثم قسم الدراسات الإسلامية ثم وكيل الكلية ثم عام 1403ه استلمت عمادة الكلية. والآن أحلت إلى التقاعد ولكني متعاقد مع المعهد العالي للائمة والخطباء بعد أن عملت عميدًا له عند انتهاء العمادة، وأصبحت أستاذًا غير متفرغ بحسب المصطلح. التدريس في الحرمين: يقول الشيخ فلاتة عن تدريسه في الحرمين الشريفين: الحمد لله درست في الحرمين الشريفين إذ بعد عودتي من القاهرة عام 97ه كانوا محتاجين في برنامج التوعية الإسلامية في الحج لمدرسين، وبدأت ادرس في المسجد الحرام وكلفت لمد 3 سنوات. بعدها انتقلت إلى المدينة وحصلت على موافقة في التدريس في المسجد النبوي بالمدينة، ولازلت إلى اليوم والحمد لله، ولي حوالى 30 سنة في ذلك. هذا يسعدني: عن حصيلة تجربته وحياته العملية في التدريس بالمسجدين الحرام والنبوي الشريف وما يسعده في هذه التجربة يقول الشيخ فلاتة. أسعد كثيرًا عندما أقابل ناس درسوا عندي في المسجد النبوي وصاروا في بلدانهم أئمة ويذكرونني بخير وأحدهم لايزال يراسلني من السويد يدرس الشريعة هناك، ويقول لي أنا امتداد لك في التدريس هنا. -------------------------------------------------------------- مواقف طريفة: يقول الشيخ فلاتة عن أهم المواقف الطريفة في رحلاته للتدريس خارج المملكة: ذات مرة كنا ندرس في مالي، وجاءنا خطاب من الرابطة أن هناك رجلاً في بوركينا فاسو في قرية اسمها حمد الله قام ببناء كعبة فذهبنا انا وزميلي طه جابر العلواني للعاصمة، وأخذنا سيارة واتجهنا إلى القرية وفي وسط الطريق انقطعت بنا الطريق بسبب السيول، وكملنا على أقدامنا رأينا لمبنى وسألناه فقال لنا انه بناه للخلوة لكن أتباعه أقنعوه أنها تشبه الكعبة، وبدأوا يسربون معلومات للناس بأنه من لم يتمكن من الحج فليأتي إليها ويطوف وفهمناه لكنه رفض وأثار علينا أتباعه لكن الله سلم ورجعنا سالمين، وأبشرك أنها هدمت بعد إصرار الرابطة مع مندوب بوركينا فاسو (فولتا العليا سابقًا). ويضيف: وفي موقف آخر اذكر ذات مرة أن امرأة كانت أستاذة في جامعة أبادن وكانت عائدة من أمريكا وقالت في شموخ: لماذا تأتوا الى بلدنا على شان تعلمونا دينكم؟ وهي أساسا كان آباؤها مسلمين، لكن الكنيسة أخذتها ونصرتها ولكن بعد ان جلسنا معها لمدة ثلاثة أسابيع لم نتركها إلاّ وهي مسلمة، وتعهدت على نفسها عهدًَا أن تعيد للإسلام كل من ضللته الكنيسة في منطقتها. لم يشأ الشيخ فلاتة ان يتحدث عن عدد الأشخاص الذين دخلوا الاسلام على يديه، ولكن مقابل إصراري على ذلك قال: ربما بلغ ذلك 1000 أو أكثر في المدينة لوحدها. -------------------------------------------------------------- التدريس خارج المملكة: كان للشيخ فلاتة تجربة ثرية في التدريس خارج المملكة وفي الجهات الاربع حيث يقول عن هذه التجربة: ذهبت للتدريس في دورات مع رابطة العالم الإسلامي. في السودان والبوسنة قبل الحرب وفي إندونيسيا وزنجبار ومالي والفلبين. -------------------------------------------------------------- الزواج والأولاد وختامًا طلبت من الشيخ فلاتة أن يحدث القراء عن زواجه وأولاده فقال: تزوجت عام 89 هجرية، واختارتها أمي -يرحمها الله- وأقمنا الحفل في قصر الحضرمي الواقع في مكان رئاسة تعليم البنات حاليًّا، وكان المهر 2000ريال، وأول ما سكنت في شقة بشارع أبي ذر بالقرب من الحرم النبوي . أما أولادي فأكبرهن هي ميسون التي ذهبت معي للقاهرة، ولله الحمد كل أولادي بنات عندي 6 منهن.