عندما التفت خادم الحرمين الشريفين إلى ضيوفه معتذراً عن عدم تمكنه من مصافحتهم واقفا إنطلقت حينها رسالة إلى كل مسؤول صغُر أم كبُر ونحو كل ذي شأن قلّ أو عظُم عنّ له أن يتعالى على خلق الله إذ العظمة لله وحده . لم تكن تلكم الرسالة الأولى من عاهل البلاد لآخرين بل سبقتها تلميحات وتلويحات مفادها أن يا عباد الله تواضعوا ترفعوا – بضم التاء - فلعلها كانت إضاءات وإشراقات من شأنها أن تكسر قواعد لدى من يعتقد واهماً بأن الهيبة صناعة الكبرياء إذ إنّ في طلاقة الوجه - قليلة التكاليف – ثمنا غاليا لتذويب الوجوم وغسل النفوس من التجهم . يحكي عن ( أحدهم ) من المثقلين بهموم ( الدال ) إياها والتي سمعتم وقرأتم عنها : أنه إذا ما نودي باسمه مكنى مجردا – منها – لايبدي أي التفاتة لمحدثه وعندما يشفع الاسم الكريم ب ( دال التعريف ) فيكون في الحال عجباً ...! لسنا ضد ( دكترة ) المجتمع فلكل مجتهد ثمرة إجتهاد وصولجان سبق لكننا مع الحقيقة ضد الوهم والصدق تجاه ما هو دونه . ولعلنا نلتمس لصاحبنا - آنف الذكر- بعض عذر لا كامل معذرة لأنه وفي الدوائر الرسمية عندنا مازلت أنت تنادى ب ( المدعو فلان ) الوحيدون الذين ينادونك بالسيد - فلان - هم البنوك لكنهم في الحقيقة يسدّون عليك كل منافذ النجاة إن أنت وقعت في بعض حبائلهم أو أن سنارتك قد علقت في شيء من شباكهم ومما يرسخ هذا المفهوم هو تصدير كل عقودهم بعبارة ( يحق للبنك أن يعمل كذا وكذا في حق العميل ... ) بينما أنت كمتعامل لا يحق لك إلا الإذعان إذ إنّ صياغة العقود ( منهم ) و ( لهم ) فهل بعد هذا من بطر وفوقية . وليست البنوك وحدها في معزل . ففي غالب القطاعات الخدمية الأخرى أنت من المرحب بهم إلى ساعة الظفر بتوقيعك الكريم أما مابعد ذلك ففي الأمر سعة أيها الفهيم حين تصلك الخدمة المدفوعة سلفا منقوصة أو دون المستوى المأمول وقد لا تأتيك إلا ما دمت عليها قائما وكم في هذا من إهدار وقت وجهد. كم نحن في حاجة إلى إستنهاض سمات التواضع من سباتها واستحضار الأمانة وأدواتها وإشفاء النفوس من درناتها ، فالمروءات من فيض المكرمات وبها تتجلى وتتمحص وتتعانق الفطر السليمة مع سمو الذات والله المستعان . أحمد مكي العلاوي -مكة المكرمة