للذين يظنون أن الحياة لا تسير إلا بالورق. وللذين يقفون حجر عثرة أمام الحكومة الإليكترونية، والصحافة الإليكترونية، وغيرهما، ولا يصدقون أن كل ذلك قادم لا محالة، كما أصبحت المعاملات البنكية، والشراء بالبطاقات عندهم شيئا من الواقع والحقيقة؛ أود أن أهدي إليهم مفاجأة شهر فبراير من هذا العام. تقول المفاجأة الخبر الذي نقلته إلينا شبكة «سي إن إن» بأن مبيعات الكتاب الإليكتروني في شهر فبراير للعام الحالي، تصدرت جميع أشكال الكتب الأخرى، بما في ذلك الكتب المطبوعة للمرة الأولى. وأضافت الشبكة بأن مجموع مبيعات الكتاب الإليكتروني بأمريكا بلغت نحو 90.3 مليون دولار في شهر فبراير بزيادة قدرها 202% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وذلك وفقاً لدراسة رابطة الناشرين الأمريكيين، التي وضعت الكتب الإليكترونية في المرتبة الأولى، لأول مرة. كما أيّد موقع بيع الكتب الشهير «أمازون» ذلك من مبيعاته. من المنطقي التساؤل: لماذا حدث هذا فجأة؟ أولاً: إنه لم يحدث فجأة أبداً. فالزحف الإليكتروني على الورق يتضاعف منذ مدة ليست بالقصيرة. ولكن الذي زاد سرعته هو تقدم التقانة ثانياً. وأخص هنا الثورة الجديدة في الكمبيوترات الشخصية، وذلك بتزايد انتقال الناس إلى أجهزة الكمبيوتر اللوحي بدلاً من الكمبيوتر الحِجْري. فخفة هذا الكمبيوتر الجديد، والشعور عند حمله والقراءة منه بالصفحة الورقية والكتاب، وقابلية تحميل آلاف الكتب فيه بسهولة، وعدم الانتظار للحصول على الكتاب الجديد؛ كل تلك عوامل هامة ومؤثرة في انقلاب المبيعات لصالح الكتاب الإليكتروني. هذا الكاتب من الذين كتبوا – من قبل – بحتمية تراجع الصحافة الورقية وانحسارها أمام مد الصحافة الإليكترونية القادم بشراسة، إلى أن تختفي في يوم ما. وكنت قد وضعت تصوراً – في نفسي – بأن تنتهي ربحيتها خلال عشر إلى اثنتي عشرة سنة. أما أمام النتائج الأخيرة المذهلة لمبيعات الكتب، فمن المؤكد أن حصول ذلك سوف يكون أسرع كثيراً مما نتصوّر!