مسفر، يوسف، يحيى ثلاثة شبان في العقد الثالث من العمر.. من أم سعودية وأب يمني تركهم والدهم بعد طلاق والدتهم منذ ثلاثين عامًا في صراع مع الحياة.. ورحل إلى مصر حيث أقام وتوفي هناك!! قصتهم غريبة ومحزنة في ذات الوقت، قصة تلخص مأساة أسرة عاشتها طيلة هذه المدة ولازالت! والمؤسف حقا أن هذه المأساة ليس لهم فيها ناقة ولا جمل، ولكنها نتاج طبيعي لفشل الحياة الزوجية الذي عادة ما تكون عواقبه وخيمة على الأبناء.. 30 عامًا والأشقاء الثلاثة يصارعون أمواج الحياة العاتية بين حاضر مظلم ومستقبل مجهول، يفتقدون للهوية التي تمكنهم من التعليم والعمل والانطلاق ثلاثون عامًا ورحلة الألم لم تنتهي بعد، ولازال المشوار طويلًا والنفق مظلمًا، وحلمهم الوحيد أن يروا ضوءًا ولو خافتًا في نهايته. يقول أصغر الأشقاء (مسفر 30 عامًا) مسفر ل(المدينة): عشت سنوات عمري في المملكة العربية السعودية وتحديدًا في محافظة خميس مشيط التي ولدت فيها، فقد كان والدي أحد المغتربين اليمنيين هنا.. ويضيف طيلة هذه المدة لم أخرج إلى خارج المملكة. وعن زواج والديه قال: تزوج والدي من والدتي (سعودية الجنسية) ومن عائلة معروفة بخميس مشيط، غير أن هذا الزواج لم يدم طويلًا، وانفصلا بعد أن أنجبت والدته أربعة أولاد.. أكبرهم محمد (35 عامًا) وخالد (33 عامًا) ومسفر (30 عامًا) وتابع: من هنا بدأت رحلة الألم لي ولأشقائي بعيد رحيل الوالد كنا صغارًا وتركنا هنا مع والدتنا وعشنا شظف العيش وتزوجت والدتي من رجل آخر لكننا لم نثبت هويتنا.. وتقدمنا لوزارة الداخلية وصدر أمر وزير الداخلية باستخراج شهادات ميلاد لنا وعند بلوغنا سن (18) عامًا نمنح الجنسية السعودية.. ويضيف والآن تجاوزنا.. السن القانوني ولنا سنوات عديدة في المراجعات وأصبحت حقيبتي تحتوي على أكثر من (450) ورقة ما بين توجيهات واستدعاء ووثائق ولا زال الحل عائقًا في إنهاء إجراءاتنا.. طُلب منا استخراج جوازات يمنية وبعد عناء من المراجعات والبحث عن والدنا وجدنا رقم لجوازه في القنصلية اليمنية وأنه مسافر لجمهورية مصر وهذا ما كشف لنا وأنه رحل إلى مصر وتزوج هناك ولنا شقيق وشقيقتان من الأم المصرية.. وتوفي ودفن هناك ويتابع.. خاطبت القنصلية وزارة الداخلية اليمنية وتمت الموافقة على صرف جوازات سفر لنا، بعدها طُلب منا عمل أقامات وهنا اصطدمنا في المبالغ التي يتوجب علينا دفعها (غرامات تأخير) لكل واحد منا (8000) ثمانية آلاف ريال، ونحن لا نملك هذا المبلغ، هذه لانملك الهويات التي تمكننا من العمل. ويستطرد مسفر حديثه نحن هنا.. في محافظة خميس مشيط (عشنا سعوديين)، وانتمائنا لهذا الوطن الغالي الذي لا نفرط فيه.. ولا نعرف عن والدنا شيئًا سوى أنه عاش بقية عمره وتوفي في مصر. ويواصل مسفر سردته لمأساة هؤلاء الأبناء ويقول: علاوة على المعاناة.. التي تجرعنا مرارتها منذ أن كنا أطفالًا جراء طلاق والدتنا.. ورحيل والدنا.. نعيش الآن أيتامًا جميعًا من مصر إلى السعودية.. شقيقي (خالد) أصيب بحادث وأصبح لديه إعاقة لا نستطيع أن نقدم له العلاج وهو كان مقدمًا للبرامج المسرحية وله نشاطات كثيرة.. وشقيقي (محمد).. عاطل عن العمل وهو كذلك مريض.. وأنا لا أحد يقبل أن أعمل معه بصفتي لا أحمل هوية.. وتعلمنا في محو الأمية رغم طموحاتي الكبيرة وقدرتي على الإبداع في النحت.. إلا أنني لا أستطيع مزاولة هذه الأعمال بصفتي لا أحمل هوية أو ممارسة للعمل.. من جهة أخرى أكد مصدر مسؤول في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في المملكة.. أن الجمعية.. بدأت تتابع القضية وستتولى مساعدة الأشقاء الثلاثة عن طريق متابعة الجهات المختصة بما يكفل حقوق الأبناء اليمنيين وتصحيح أوضاعهم والبنات السعوديات التي لم يثبت لهم هوية وستولي قسم النساء بالجمعية الوقوف على الطبيعة ومعرفة ملابسات القضية..