بعد حرب أكتوبر 1973م عملت الولاياتالمتحدة على إشاعة مفهوم التخاذل والاستسلام أمام العدو الصهيوني، لذلك وضعت كل إمكانياتها السياسية والاقتصادية والإعلامية لحمل النظام المصري على توقيع معاهدة سلام منفرد بين البلد العربي -مصر- وسفاح دير ياسين -مناحيم بيغين الذي كان يترأس عصابة إرهابية دموية قبل قيام الكيان الإسرائيلي في عام 1948م، وتدعى «إرغون» Irgun-Zvai Leumi، فكانت معاهدة «كمب ديفيد» عام 1978م، ومع أن الولاياتالمتحدة وعدت بأنه سوف يُعطى الفلسطينيون حكماً ذاتياً إلا أن ذلك الوعد ذهب كبقية الوعود البراقة أدراج الرياح. دفع أنور السادات الذي قاد حرب أكتوبر بكل فعالية ونجاح وبدعم من القادة العرب وفي مقدمتهم الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله دفع حياته ثمناً لذلك السلام المنقوص والذي أعطى إسرائيل فرصة نادرة للاستفراد ببقية دول الطوق، فكان غزو البلد العربي -لبنان- في عام 1982م وارتكاب مجزرة العصر في صبرا وشاتيلا بغشراف وزير الدفاع الإسرائيلي – آنذاك – شارون – وعلى يد حزب الكتائب الذي تهرب لاحقاً من مسؤولية هذا العمل الإجرامي البالغ الدموية والخسة والنذالة، ثم تجرأت إسرائيل بعد ذلك وبمباركة الأمريكيين وحلفائهم البريطانيين على ضرب مقر منظمة التحرير الفلسطينية -في تونس- وقتل قائد الانتفاضة الأولى أبوجهاد -خليل الوزير- ونجا ياسر عرفات الذي قدم فيما بعد ذلك ما كانت تطالبه به أمريكا وحلفاؤها وهو الاعتراف بالكيان الإسرائيلي الغاصب، وكان الثمن فيما بعد قيام سلطة فلسطينية منقوصة السيادة، وعندما لم يستجب عرفات لمطالب كلينتون – بارك في - كمب ديفيد الثانية – قرر الإسرائيليون وبمباركة المحافظين الجدد – جورج بوش الابن – محاصرته في رام الله، ثم استخدموا معه أسلوب الموت البطيء ليكون عبرة لمن يأتي بعده، ومع أن محمود عباس مصنف على أنه من رموز الاعتدال في المنطقة إلا أن إدارة أوباما تركته وحيداً في العراء، وذلك بانحيازها الكامل لحكومة المتطرفين في إسرائيل، وبعد التغيير الذي حدث في مصر أخيراً عبر رئيس تحرير صحيفة الجيروزليم بوست David-Horovitz في مقال له بالويكلي تليغراف البريطانية (2001/15-9 ,February) عن الوضع المترتب على الحالة المصرية، بأن النتائج سوف تكون سيئة ومتجهمة ليس لإسرائيل وحدها، ولكن للغرب عموماً ولكنه تناسى الثمن الذي دفعه العرب على مدى أكثر من ثلاثين عاماً؟!.