خطوات متلاحقة يأمر بها خادم الحرمين الشريفين منذ عودته من رحلته العلاجية، أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية. فبعد صدور القرارات السابقة التي من ضمنها اعتماد بناء خمس مائة وحدة سكنية في جميع مناطق المملكة، تردد السؤال حول كيف سيتم تنفيذ ذلك المشروع الجبار الذي أمر به طويل العمر في وقت من أدق مراحل التنمية التي تمر بها البلاد؟! وهموم الإسكان تعاني منها معظم دول العالم بنسب متفاوتة ولكن المملكة بإمكانياتها والنمو الذي تشهده تعد أكثر استعدادًا للتصدي لاحتياجات النمو السكاني في وقت مبكر قبل أن تتضاعف الأعداد وترتفع أسعار مواد البناء وتقل السيولة لأسباب متعددة قد لا يكون في المقدور السيطرة عليها في المستقبل. ومنذ صدور القرارات السابقة التي منها قرار بناء خمسمائة وحدة سكنية أصبح الكل يفكر في مصير أسعار مواد البناء مثل: الحديد، والأسمنت، والمواد الأخرى. وإنشاء وزارة مستقلة خاصة بالإسكان يعد خطوة عظيمة على الطريق الصحيح للتعامل مع أزمة الإسكان الحالية والمنتظرة بعد تخرج عشرات الألوف من الطلاب والطالبات من الجامعات في داخل المملكة وخارجها والتحاقهم بالعمل في القطاعين العام والخاص. وقرار استحداث وزارة للإسكان يأتي في الوقت المناسب والأمل كبير في أن يتمكن الوزير الجديد من التغلب على تحديات الإسكان خلال العشر سنوات القادمة. وستظل مسؤولية الحد من ارتفاع أسعار مواد البناء مشتركة بين وزارة التجارة والصناعة، والقطاع الخاص ووزارة الإسكان الفتية. ولعل الوزارة الجديدة تستطيع أن تضع حدًا لارتفاع أسعار الأراضي في المناطق التي تتوفر فيها المرافق مثل الماء والكهرباء وتشجيع أصحاب رؤوس الأموال الذين استثمروا في الأراضي بتسهيل إجراءات اعتماد المخططات حيث يتذمر البعض من أن البلدية تلزمهم باقتطاع نسب كبيرة للخدمات تصل إلى 48% من الأرض بالإضافة للسفلتة والتمديدات الأخرى المطلوبة، بينما مخططات البلدية يجري عليها نسبة 33% ولا تخضع لنفس المعايير التي تطبق على مخططات القطاع الخاص، والبعض من تجار العقار يدَّعون أن ذلك من الأسباب الرئيسية لرفع الأسعار إلى مستوياتها الحالية. وفيما يلي بعض الاقتراحات التي آمل أن تأخذها الوزارة في الاعتبار خلال مشوارها الميمون لتنفيذ مشروع الإسكان الجديد: 1- القيام بمسح كامل لجميع برامج الإسكان السابقة للاطلاع على أوجه القصور فيها مع استطلاع آراء السكان حول ما يجب أن تشمله المشروعات الجديدة. 2- إعداد خطة شاملة للمشروعات وتوحيد المواصفات ما أمكن بهدف تخفيض التكلفة وسرعة البناء. 3- الحد من المنح الكبيرة التي يتلقفها تجار الأراضي بأسعار زهيدة، ومن ثم تتحول إلى مخططات تباع بأسعار مرتفعة يتعذر على المواطن العادي والموظف صاحب الراتب المحدود من شراء أرض يبني عليها مسكن له ولأسرته. 4- وضع جداول زمنية لتنفيذ كل مشروع في المنطقة المعنية. 5- إعداد خطة موحدة للتملك في وقت مبكر قبل البدء في المشروع، وإعطاء المالك فرصة لعمل بعض التعديلات التي لا تخل بتوحيد المواصفات والشكل العام، ولكنها تلبي بعض احتياجاته الخاصة. 6- العناية الخاصة بالمرافق من بداية المشروع مثل توصيلات الماء، والكهرباء، والهاتف، والصرف الصحي، والغاز على أن تكون جاهزة قبل تسليم الوحدات لساكنيها. 7- تأسيس خنادق/ ممرات تحت الأرصفة توضع بها التمديدات حتى لا تضطر الجهات المعنية من حفر الشوارع في كل مرة تحتاج إلى إصلاحات أو توسعة للخدمات. 8- إنشاء مراكز متكاملة للأحياء في كل مجمع تحتوي على مكتبات وأماكن للرياضة بأنواعها، وصالات للاجتماعات، واللقاءات في مناسبات الأعياد وغيرها من أنشطة الحي. 9- الأخذ في الحسبان التوسعات المستقبلية بجوار الحي وليس في داخله للمحافظة على الشكل العام ومقدرة المرافق لتوفير الخدمات المطلوبة. 10- الاهتمام بالحدائق العامة وملاعب الأطفال بشكل حضاري بحيث توجد بها الخدمات اللازمة. هذه بعض الأفكار أطرحها بصوت عالٍ، من بداية مشروع الإسكان العملاق الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية، على أمل أن يكون فيها ما يساعد وزارة الإسكان الفتية للإقدام على مشروع نموذجي يأخذ في الحسبان متطلبات العصر، ويتم تنفيذه حسب مواصفات حديثة، مع أخلص التمنيات لمعالي الوزير الجديد وفريقه بالتوفيق.. والله من وراء القصد. [email protected]