ذات ليلة جال في خاطر الشاعر الكويتي الراحل فايق عبدالجليل كلمات نابعة من عاطفة جيّاشة، فصاغها وهو يفكر في صوت يحلم أن يوصلها، أو يبلغها إلى مَن يقدّر عذب الكلام من المتلقين، فكتب متأملاً كل شيء: وكانت عينها.. وكانت عينها كأني بصمتها.. كأني بصمتها.. الله يا واحة حب أمر فيها وأنا مسافر.. الله الله لا يمكن أمر عابر.. خذيني من عيون الكل.. خذيني حق رموشك ظل.. وأنا مسافر.. وأنا مسافر.. الله لا يمكن أمر عابر.. يا صوت الشوق ناديها.. وين هي أدوّرها روح اسأل لياليها أبيها بحب.. أبيها بشوق.. ما أقدر أخلّيها.. الله يا واحة حب أمر فيها وأنا مسافر.. الله الله لا يمكن أمر عابر.. إلاّ أن الفنان محمد عمر في أحد لقاءاته بفايق طلب منه عملاً جميلاً ليغنيه فوعده بذلك ودارت الأيام والتقى عمر بالملحن الكويتي أنور عبدالله صاحب الاسهامات الأولية مع الراحلة رباب.. وإعجابًا بصوت محمد عمر قدم أنور عملاً من ألحانه ليغنيه، فكانت المفاجأة أن هذا العمل من كلمات الشاعر الكبير فايق عبدالجليل -رحمه الله-، فتم أخذ موافقة فايق من قبل أنور وقدمه لعمر، وسجله لأول مرة للتلفزيون في ليلة من ليالي العيد، وسُمّيت تلك الليلة ب “ليلة سعودية”، وشارك فيها جميع أهل الطرب بدءًا بطلال مداح -رحمه الله- إلا محمد عبده لم يشارك، وقدم عمر مع الفرقة هذه الأغنية بشكل موفق، ولكنها لم تُخدم بعد ذلك لا من محمد عمر، ولا من الانتشار الإعلامي.. وكانت هي المرة الوحيدة التي قُدمت فيها تلك الكلمات أو ذلك النص، وانتهت تمامًا من قاموس عمر حتى على مستوى المناسبات غير الرسمية؛ ممّا أغضب أنور عبدالله، وجعل فايق في حالة استياء شديد من عدم وجود هذه الأغنية بشكل مكثف.. وقد قدمها لعمر خدمة له.. بالرغم أن فايق وأنور كانا متفقين أن يُقدم هذا النص إلى فنان آخر، لكن الأولوية كانت لعمر. وهذا العمل كان بديلاً لعمل آخر كان قد أجرى محمد عمر عليه بروفات، إلاّ أنه في المراحل الأخيرة من إنتاج الاغنية خطف النص فنان آخر، ولحنه، وأنتجه، وقدّمه للجمهور، وهذا عُرف كان سائدًا في فترة من الزمن.. وكان الاخلال بعدم الالتزام من بعض الفنانين والشعراء والملحنين، والمجاملات تطغى على الأعمال، وكان أبطالها بعضًا من الملحنين والمطربين الكبار.