يواجه العالم العربي هذه الأيام تحولات تاريخية في منهجية تعاطي شعوبه مع واقعها الذي حُكم عليه بالجمود عقوداً مديدة ؛ بحيث أصبحت مُفردة التغيير من الكلمات المُحرمة في القواميس السياسية العربية ، ويُعاقب من يتعاطاها إما بالاعتقال أو النفي من البلاد ؛ وفي خضم هذه الأحداث المتوالية ينعم مجتمعنا – ولله الحمد - بالاستقرار الذي من ركائزه التي بُني عليها كسر الحواجز الفولاذية المبنية في غفلة من تغييب الوعي الجمعي ، وشيوع النزعة الفردية التي رسخت تضخم الأنا على حساب مصلحة هذه الشعوب . استنطقتُ هذه الإطلالة وأنا أرى احتفائية الوطن بعودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من رحلته العلاجية التي كُللت – ولله الحمد – بالنجاح ، ولم يكن – كعادته يحفظه الله - بخيلا على شعبه الذي خرج يستقبله في عفوية متناهية ، ؛ حيث تجسد ذلك في حزمة من القرارات التي استهدفت جميع شرائح المجتمع منها ما هو قريب المدى مثل : تثبيت غلاء المعيشة بواقع 15% في مرتبات موظفي الدولة ، وإعفاء المقترضين من بنك التسليف من قسطين لمدة عامين ، ومنها ما هو بعيد المدى مثل : دعم صندوق التنمية العقاري ب 40 مليار ريال ، ودعم ميزانية الهيئة العامة للإسكان ب 15 مليار ريال . إن القراءة المتأنية لهذه الحزمة من القرارات السامية تعكس رغبة مُلحة في الإصلاح المبني على أسس متينة بعيداً عن المُعالجات السطحية التي لا يتجاوز أثرها حبر الورق الذي تُكتب به ، من هذا المنطلق كانت رؤية الملك عبد الله عميقة وثاقبة في تشخيص الواقع ، والوقوف على الاحتياجات الفعلية التي تصل إلى كل فئات شعبه وتُحقق لأفراده حياة كريمة ؛ ليساهموا بفاعلية في دفع عجلة التقدم والمشاركة الإيجابية في تحقيق التنمية المُستدامة . تُمثِّل هذه القرارات نقلة نوعية في المنهجية الإصلاحية التي تبناها ولا يزال خادم الحرمين الشريفين – يحفظه الله – لأنها لامست الشأن الفردي والمؤسسي على حدٍ سواء ، لذلك كان وقعها محلياً وإقليمياً ودولياً مثاراً للاهتمام ودرساً نموذجياً يُحتذى به في التعاطي بين المسئول ورعيته ؛ ولم يتبقَ سوى مهارة المسئولين – كلٌ في مجال تخصصه - في تفعيل هذه القرارات على أرض الواقع وفقاً لإجراءات مُيِّسرة ، وآليات واضحة للجميع . رسالة : يُحمِّل الرأي العام الكُتاب مسئولية نقل آمالهم وآلامهم للمسئولين – ولأمانة القلم الذي أحمله ؛ فقد تلقيت الكثير من الرسائل الإلكترونية التي تناشدني إيصال صوت أبنائنا المكتوين بنار البنود في كل الأجهزة الحكومية بأن ينالهم من فيض العطاءات قرار يُعدِّل من أوضاعهم الوظيفية التي يعيشونها الأمر الذي أدى إلى التفاقم السلبي في وضعهم المعيشي واستقرارهم الأسري . [email protected]