بوصلة المسرحيين تتوقف عن أن تتجه نحو “الجنادرية” هذا العام.. هكذا تقول الأخبار الواردة إلينا. هذا النبأ أعلم أنه وقع على المسرحيين وأعلم حجم قسوة النبأ على المسرحيين، حيث تتوالى الأنباء غير السارة، والمسرح السعودي لم يكن في حاجة للمزيد من الضربات الموجعة والصفعات القوية التي تصيبه في مقتل. ففضلًا عن التهميش، وضعف الاهتمام، وقلة الوعي به من قبل المجتمع، ها هو يشهد سقوطًا متواليًا حتى من اهتمامات الجهات التي كان يؤمل أن تبقي على رمق روحه. فبعد فشل جمعية المسرحيين السعوديين في الاستمرار، بعد أن كنا نؤمل فيها أن تلعب دور القائد للمشهد المسرحي وتشكيل حالة مسرحية مفرحة. لسنوات عدة كان مهرجان الجنادرية المسرحي يمثّل الضوء المبهج لعموم المسرحيين. وبقي المهتمون بالمسرح ينتظرون إطلالته كل عام، حتى جاءت الأخبار بإلغاءه والاكتفاء بأربعة عروض. وما يُدهش المتابع، أن المهرجان شهد في العام المنصرم تحولًا نوعيًا ومشاركات كثيفة وأشكالًا مسرحية متعددة وتوقعنا أن يأتي هذا العام بالجديد، وكان الأمل أن يحضر المسرح الاحتفالي أو مسرح التراث ونحوها ليضيف للمجموع شكلًا جديدًا وممارسة متنوعة. لكن المسرحيين والمهتمين صُدموا بهذه الأنباء، ولم يكن هذا ما ينتظره المهتم بالمسرح، كون المسرح مدين للجنادرية بفضل البقاء، حيث يطل علينا المسرح كل عام عبر نافذة الجنادرية الواسعة. لم يكن منطقيًا القول الذي يتردد بأن اهتمامات الجنادرية تراثية ولاعلاقة لها بالمسرح، لأننا تعودنا أن الجنادرية تمثّل دور القائد في الثقافة والفكر والحضارة وتبيان المنجز والفعل المسرحي. وكانت الجنادرية قاطرة تحمل الثقافة والفكر وكل مناحي الحياة، وكان المسرح أحد الأوجه التي أبرزتها الجنادرية. فأن تتخلى الجنادرية عن المسرح، في الوقت الذي هو في أمسّ الحاجة إليها، هذا مالم نكن نتوقعه. كنا نؤمّل أنفسنا أن يرى مسرح التراث إطلالة قوية عبر الجنادرية. وكنا ننظر أن يكون هناك مسرح كبير مجهز بأحدث التجهيزات ضمن “مقر المهرجان الكبير”. وكان الأمل أن تبقى الجنادرية مسقط ضوء على كل مناحي حياتنا، فهي واجهة حضارية، ولا تكتمل حضارة أي شعب إلا بالكشف عن وجه مسرحها. الريادة للجنادرية أمر تعودناه.. وتمنيناه أن يمتد ليشمل “المسرح”، حتى وإن كان هناك رؤى وملاحظات حول مسرح الجنادرية، فإننا كنا ننتظر أن تتوسّع الدائرة، وأن تُنصب الطاولات، وتُدرج الخطط، للقيام بدور فاعل نحو انتشاله من واقعه غير المبهج. لذا.. فهناك أمل يتسلّل إلى النفوس بأن يكون هناك التفاتة لمثل هذا القرار الموجع، وهذا ما يأمله المسرحيون في الجنادرية التي بقيت لهم الحاضن والأب والصدر الواسع. * المخواة