* تسألني قارئة وهي تعلق على مقالي يوم الاثنين الماضي: «أرجوك جاوبني الذي حصل في جدة مصيبة.. فهل هي ابتلاء من الله أم هي بفعل فاعل؟». وأقول للقارئة الكريمة بل هي بفعل فاعل وهي ليست فقط مصيبة بل فاجعة.. وقد أشار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله إلى ذلك عندما وصف يحفظه الله أن ما حدث في جدة في كارثة العام الماضي «ليست كارثة طبيعية بل نتيجة تقصير بشري». * بعد عام تعود الفاجعة ولكنها هذه المرة في صورة أكثر وضوحاً من سابقتها.. ففي كارثة العام الماضي تعلل مسؤولو جدة بأنهم فوجئوا بالأمطار والسيول ولهذا غرق 128 بريئاً ودمرت الآلاف المنازل والمحلات والسيارات. أما في عامنا هذا فالأمطار أتت بعد أيام من أمطار غزيرة إحداها قبل أسبوعين من الكارثة وكانت يوم أربعاء أيضاً.. ومساء يوم الثلاثاء ليلة الكارثة مباشرة شهدت ضواحي جدة أمطاراً غزيرة وصواعق عشتها أنا شخصياً ومعي مجموعة من الزملاء الأكاديميين في منطقة ذهبان، وكان متوقعاً لنا ونحن لا نفهم كثيراً في حركة الغيوم إنها ستصبح صابحة في مدينة جدة. * كذلك لم تكن كارثة هذا العام مفاجئة كون أن خادم الحرمين رده الله سالماً أمر العام الماضي بكشف الحقائق ومحاسبة المتسببين في الكارثة وموت الناس الأبرياء، وبتوفير الاعتمادات المالية اللازمة للقضاء على أي تكرار قد يحدث ولم نر من ذلك سوى تجفيف بحيرة الصرف الصحي التي المولى جلت قدرته وحده يعلم ماذا كان سيحدث مع أمطار هذا العام لو لم تجفف، لو أصابها ما أصاب سد حي أم الخير..! * فعل الفاعل ليس وليد اليوم أو اللحظة بل هو امتداد متراكم من روح اللا مسؤولية واللا مواطنة على مدى ثلاثة عقود وأكثر حينما عاشت جدة مثلها مثل غيرها من أجزاء هذا الوطن نهضة عمرانية شاملة وطفرة مالية توفرت فيها كل أسباب التخطيط الجيد والسليم والتنفيذ الأمين ولكن النفوس المغرورة والذوات الفاسدة أبت أن تجعل جدة تنعم بما تنعم به مدينة أصغر منها مثل الطائف ولو في وجود شبكات تصريف سيول وصرف صحي سليمة وجيدة؟!. * وكما تألم سكان جدة من كارثتي العام الماضي وهذا العام فإن الأقلام الصادقة من أبناء هذه التربة المباركة نبهت إلى ما يمكن أن يحدث ويتكرر، لكن أصحاب النفوس الفاسدة رأوا ذلك تعدياً سافراً عليهم وتقصداً وسعياً إلى إطاحتهم من مناصبهم الفارهة المثرية؟!. * واليوم وبعد أن انكشفت كل الحُجب ووضحت الحقائق وتكررت الكارثة لابد من محاسبة المقصرين عسى أن تهدأ النفوس المكلومة وهو ما أكد عليه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز حفظه الله في نهاية الاجتماع الأول للجنة المشكلة بشأن كارثة هذا العام.. بقوله: «نسعى إلى تحديد المقصرين في أداء واجباتهم لينال كل مقصر جزاءه الرادع دون تهاون»، وهذا ورب الكعبة هو خطوة جادة للقضاء على الفساد وروح اللا مبالاة واللا مواطنة. فاكس: 6718388 – جدة [email protected]